كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[كلام المدائني في: تنكيل معاوية بشيعة علي (ع)]

صفحة 505 - الجزء 1


= أولاده فوادع معاوية، وحقن دمه، ودماء أهل بيته، وهم قليل حتى قتل، ثم بايع الحسين من أهل العراق عشرون ألفاً ثم غدروا به، وخرجوا عليه وبيعته في أعناقهم، فقتلوه، ثم لم نزل أهل البيت نُسْتَذَل ونُسْتظام، ونُعصى ونُمتهن، ونُحرم ونُقتل، ونخاف ولا نأمن على دمائنا، ولادماء أوليائنا، ووجد الكاذبون الجاحدون لكذبهم وجحودهم موضعاً، فتقربوا إلى أوليائهم، وقضاة السوء في كل بلدة، فحدثوهم بالأحاديث المكذوبة الموضوعة، ورووا عنا مالم نقل به، ولم نفعله؛ ليبغضونا إلى الناس، وكان عِظَم ذلك وكُثْره زمن معاوية بعد موت الحسن؛ فقتلت شيعتنا بكل بلدة، وقطعت الأيدي والأرجل على الظنة، ومن ذكر بحبنا والإنقطاع إلينا سجن أو نهب ماله أو هدمت داره، ثم لم يزل البلاء يشتد، ويزداد إلى زمن عبيدالله بن زياد قاتل الحسين، ثم جاء الحجاج فقتلهم كل قتلة، وأخذهم بكل ظنة وتهمة حتى إن الرجل يقال له زنديق أو كافر أحب من أن يقال له شيعة علي، وحتى صار الرجل الذي يُذْكَر بالخير ولعله يكون ورعاً صدوقاً يحدث بأحاديث عظيمة عجيبة من تعظيم بعض من قد سلف من الولاة، ولم يخلق الله شيئاً منها، ولاكانت ولا وقعت، وهو يحسب أنها حق لكثرة من قد رواها ممن لم يعرف بكذب ولا قلة ورع). هذا الأثر قد نقله أهل السير والتواريخ، وقد رواه ابن أبي الحديد.

قال العلامة إسحاق بن يوسف بن المتوكل: وأقول هذا الفصل من كلام الباقر قد شمل مع اختصاره على ملخص سيرة أهل البيت، وهو بلا شك كلامه، وهو أصح من أن يصحح إذ هو وصف لما في مصادر الأيام مرقوم، وعلى ألسنة العالمين وفي قلوبهم منطوق ومعلوم، فلا يرتاب من له أدنى نظر في السير، أن كل فصل منه من أصح مانقل في الأثر.

ويحسن أن ننقل هنا مانقله المدايني فهو كالشرح لكلام الإمام أبي جعفر:

[كلام المدائني في: تنكيل معاوية بشيعة علي (ع)]

روى أبو الحسن علي بن محمد بن يوسف المدايني في كتاب الأحداث قال: كتب معاوية نسخة واحدة إلى عماله بعد عام الجماعة: أن برئت الذمة ممن روى شيئاً في فضل أبي تراب وأهل بيته، فقامت الخطباء في كل كورة، وعلى كل منبر يلعنون علياً ويتبرءون منه ويقعون فيه، وفي أهل بيته. وكان أشد الناس بلاءً يومئذ أهل الكوفة؛ لكثرة من بها من شيعة علي، فاستعمل عليهم زياد بن سمية، وضم إليه البصرة، وكان يتبع الشيعة يومئذ وهو بهم عارف لأنه كان منهم أيام علي فقتلهم تحت كل حجر ومدر، وأخافهم وقطع الأيدي والأرجل، وسمل العيون، وصلبهم على جذوع النخل، وطردهم وشردهم. [وكان أشد ذلك] على العراق [وخصوصاً على الكوفة] فلم يبق [في الأصل: يبن] بها معروف منهم.

وكتب معاوية إلى جميع عماله في جميع الآفاق أن لاتجيزوا لأحد من شيعة علي وأهل بيته شهادة، وكتب إليهم أن انظروا من قبلكم من شيعة عثمان ومحبيه وأهل ولايته الذين يروون مناقبه وفضائله، =