كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[ذكر وقعة باخمرى واستشهاد الإمام إبراهيم بن عبدالله (ع)]

صفحة 534 - الجزء 1

  وكان # في القلب في الفقهاء والعلماء وأهل البصائر والخواص، فوقع القتال، فكانت اليد له، فانهزم أصحاب أبي جعفر هزيمة ظاهرة، فجاءه العلم فقرّب نجائبه للهرب، وحمل امرأتيه على النجائب، وما بقي دون الفتح قليل ولا كثير، وكان حميد بن قحطبة ممن انهزم، فمرّ بابني سليمان وقد نزلا من فرسيهما مستبسلين للموت، فقالا: ليس هذا من عاداتك يا حميد، فقال: انجوا ما بقي قتال، قالا: أبلغ قومنا عنا السلام، وأعلمهم بأنا لم ننهزم عن حماية سلطانهم.

  فلقي المنهزمة نهر فمنعهم ساعة وتكافوا عليه، ورأى إبراهيم # ما نزل بهم من القتل فرحمهم، فأمر من يرد الرايات، فلما رأوا أعلام الميمنة راجعة ظنوها هزيمة، فعطفوا عليها وحققوا، فكانت الهزيمة، فانهزمت الميمنة وانهزم عيسى بن زيد # لما أفرده الناس، وثبت إبراهيم # في القلب⁣(⁣١)، وثبتت الميسرة، واشتد القتال وتكافأ الناس.

  فلما كان آخر النهار رفع # المغفر من شدة الحر، فجاء سهم فوقع في رأسه فاعتنق فرسه واحتوشه الشيعة وأنزلوه، وأخذه بشير الرحال إلى حجره وهو يقول: {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا ٣٨}⁣[الأحزاب]، فلاثوا به وضربوا عليه سوراً من رجال مثل سور الحديد، فقال عيسى: ويحكم على ما هؤلاء، وجمعوا الجيش وزحموهم به زحمة واحدة وفضّوهم وإذا هو في أوسطهم، فحزّوا رأسه وأمروا به إلى أبي جعفر وهو يتوقّع الهزيمة، فلما رآه في ترس قال لرجل كان بحضرته وكان خليطاً بإبراهيم: أهو هو؟ قال: إي والله هو هو وددت أن الله عافاك منه، قال: وأنا وإلا فلأم موسى الطلاق، وكانت أعظم أيمانه.

  فلما وُضع بين يديه جاء رجل من الشاكرية فبصق في وجهه فأمر به فدقت


(١) قال ¦ في التعليق: وقال فيه علي #: (يقتل بعد أن يَغْلِب، ويُقْهَر بعد أن يَقْهر يأتيه سهم غرب [يقال: أصابه سهم غَرْب أو غَرَب، إذا كان لا يدرى من رماه. لسان العرب (١/ ٦٤١)] يكون فيه منيته، فيا بؤساً للرامي شلت يده، ووهن عضده). قاله ابن أبي الحديد |.