[ذكر أيام المهدي العباسي ومن كان بإزائه من أهل البيت (ع)]
  المكنى: مؤتم الأشبال.
  وذلك أنه لما انصرف مع المنهزمين من وقعة باخمرى عرضت للناس لبوة معها أشبالها فمنعت الناس الطريق، فأخذ سيفه ودرقته وبرز لها فقتلها، فقال بعض خدمه: يا سيدي أيتمتَ أشبالها، قال: نعم، أنا مؤتم الأشبال، وقد كانت الشيعة إذا أرادوا الكناية عنه قالوا: قال مؤتم الأشبال كذا، وفعل مؤتم الأشبال كذا، فيغبى مكانه.
  وكان قد بذل له مالاً جليلاً ليخرج ويأمن فعذله بعض أصحابه، وقال: أرحنا مما نحن فيه من الخوف وخذ هذه الأموال، فقال #: لئن يبيتوا ليلة خائفين مني وأبيت ليلة خائفاً منهم أحبّ إليّ من الدنيا وما فيها.
  وممن مات مسموماً مظلوماً بسطوتهم مهضوماً من أهل البيت $ علي بن العباس بن الحسن بن الحسن، وكان من فضلاء آل الرسول ÷ ولم يكن يخافهم إلا خيار عترة رسول الله ÷ حتى كان جواسيسه تفترق في الآفاق وتسأل دهماء الناس من علمتم من أهل هذا البيت من عترة الرسول ÷ يعرف بعلم أو صلاح؛ فإذا أعلموا صاحبهم دسّ إليه السم أو قبضه إلى الحبس.
  فكان علي بن العباس # قد دعا إلى نفسه ببغداد، واستجابت له جماعة وافرة من الزيدية، فدسّ عليه الجواسيس فجاءوه بعلمه فقبض عليه قبل استحكام أمره، ولم يزل في حبسه إلى أن وفد عليه الحسين بن علي الفخي # فكلّمه فيه واستوهبه فوهبه له، فدس عليه شربة سمّ فلم تزل تعمل فيه حتى قدم المدينة فتفسخ لحمه وتباينت أعضاؤه بعد دخول المدينة بثلاثة أيام.
  ومات عيسى بن زيد # في تواريه، فلما أتى علم موته خَرّ ساجداً، وكان عيسى بن زيد # شجاعاً ورعاً تقياً عالماً زاهداً نافذ البصيرة، وله مقامات في القتال عجيبة، ولولا ميلنا في كتابنا إلى الاختصار لحقّقنا أحوالهم $ تحقيقاً بليغاً، ولكنا نذكر ما يدل على ما وراءه، فمن طلبه وجده في أخبار أهل البيت $ في