[ذكر وقعة فخ واستشهاد الإمام الحسين بن علي الفخي (ع)]
  لشريفتان، والله لو لم يكن معي غيري لحاكمتهم إلى الله حتى ألحق سبيلي، فجعلوا يصيحون: يا حسين لك الأمان، يا حسين لك الأمان، ويعرضون عليه الجوائز والصلات؛ فيحمل عليهم ويقول: الأمان أريد، الأمان أريد - يريد من عذاب الله ø -.
  فدارت رحى الحرب بينه وبينهم وهم في أربعين ألف مقاتل، فشغلهم هو وأصحابه، قال الراوي: رأيته ونحن في أشد القتال وقد تنحّى عنا فدفن شيئاً، قلت: لعله دفن خاتماً أو جوهراً، فلما انقضت الحال كنت فيمن سلم، فرجعت إلى الموضع لعلّي أجد الدفين، فوجدتها قطعة من جبينه.
  وأشْبُلُ أهلِ بيته وأصحابه حوله، وجعل ابن يقطين يرمي ويقول: اليوم يعلم الناس هل أنا علوي أو عباسي، فلما اشتدّ عليهم الأمر كَمَنَ محمد بن سليمان في جند عظيم واستطرد لهم العباس بن محمد، فلما ركبوه وانفصلوا من الشعب طحنهم محمد بن سليمان بجنده من خلفهم في بطن الوادي.
  وقد أُصيب الحسين # بطعنة عظيمة طعنه رجل من بني الحارث، وصوائب كثيرة، فصار يقاتل والدم لا يرقى، فقال له بعض أصحابه: لو تنحيت لِمَا قد صار فيك، فقال الحسين #: رويت عن جدي رسول الله ÷ أنه قال: «إن الله يبغض العبد المؤمن يستأسر إلا من جراحة مثخنة»(١).
  فرماه حماد التركي بنشابة فصرع، وصرع أهل بيته وأصحابه، وما فلت منهم إلا من خرج من بين القتلى لما جنّ عليهم الليل كيحيى وإدريس ابني عبدالله، وإبراهيم بن إسماعيل في جماعة منهم يزيدون على العشرة.
  وكان في القتلى سليمان بن عبدالله، وعبدالله بن إسحاق بن إبراهيم بن الحسن - سلام الله عليهم -.
(١) قال ¦ في التعليق: ورواه الإمام أبو طالب بسنده إلى الحسين بن علي الفخي # قال: قال رسول الله ÷: «إن الله يبغض العبد ... إلخ» تمت.