كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الإمام يحيى بن عبدالله بن الحسن (ع)]

صفحة 578 - الجزء 1

  الجواري والغلمان والمال، وأسلم على يديه سراً؛ لأن يحيى # قال له: لا يقبل الله منك هذا إلا بالإسلام، قال: فإن أسلمتُ ظاهراً قتلني الترك واستبدلوا بي؛ فأسلم سراً.

  وبثّ يحيى # دعاته في الآفاق، فجاءته كتبهم ببيعة مائة ألف فيهم الفقهاء والعلماء، فقال يحيى: لا بد من الخروج إلى دار الإسلام، فنهاه ملك الترك عن ذلك، وقال: إنهم يخدعونك فلا تغترّ، فقال يحيى: لا أستجيز فيما بيني وبين الله أن أقيم في بلاد الشرك ومعي مائة ألف مقاتل من المسلمين.

  فخرج إلى جبال الديلم، وقال: إن للديلم معنا خرجة وأرجو أن يكونوا معي، وهي لا شك كانت مع الناصر الأطروش #؛ فلما استقرّ في بلاد الديلم وافاه من المائة الألف سبعون رجلاً.

  وبلغ الخبر إلى هارون الرشيد؛ فضاقت عليه الأرض برحبها، وقطع الخمر، ولبس الصوف، وافترش اللبود، وأظهر العبادة، وجمع عسكراً عظيماً قائده الفضل بن يحيى البرمكي فيه خمسون ألف مرتزق غير الأتباع فيهم صناديد القواد وولاة كور الجبال: الري وجرجان وطبرستان وقومس ودنياوند والرويان.

  وما استقلّ له الجيش إلا بخمسين ألف ألف دينار، وحُملت معه أموال جليلة للنفقات مع أموال المشرق التي بين يديه، فقد أطلقه فيها، وأمره أن يبذل لجستان ما انتهت إليه بغيته، وكذلك أوصاه أن يعرض على يحيى كل أمر يحبه من أموال وقطائع وصيانة جانبه واحترام شيعته وشيعة أهل بيته $ وأن يسكن من أرض الله حيث أحبّ.

  وشيّع الجيش إلى النهروان؛ فلما عُرِضوا عليه رأى منظراً بهره من كراع وسلاح ورجال، وكان ذلك في سنة ست وسبعين ومائة؛ فنهض يطوي البلاد إلى أن حطّ بطالقان الري بدستي بموضع يقال له أست في وقت شديد البرد كثير الثلوج، قال أبان بن عبد الحميد: