[خطبة الإمام يحيى بن عبدالله (ع) لما اجتمع بالذين جاءوا إلى جستان ليشهدوا عليه]
  ترضوا بذلك من حالنا حتى تداعيتم علينا معشر العرب خاصة من دون العجم من جميع الأمصار والمدائن والبلدان، فخرجتم إلى دار الشرك تلذذاً منكم بقتلنا، وتقرّباً إلى ربكم باجتياحنا؛ زعمتم أن لا يبقى بين أظهركم من ذرية نبيكم عين تطرف، ولا نفس تعرف، ثم لم يقم بذلك إلا أعلامكم ووجوهكم وعلماؤكم وفقهاؤكم والله المستعان.
  قال حريث - وأراه ذكره عن أبيه -: فلما سمعنا كلامه وخطبته بكينا حتى كادت أنفسنا أن تخرج، قال: فقمنا وتشاورنا، فقلنا: هل بقي لكم حجّة أو علّة لو قُتلتم عن آخركم وسُبيت ذراريكم واصطفيت أموالكم كان خيراً لكم من أن تشهدوا على ابن نبيكم بالعبودية، وتنفونه(١) عن نسبه. قال: فعزمنا أن لا نشهد. قال: فقال أبو البختري: إن هذا يحيى قد دخل الديلم، ويريد أن يقاتل بأهل الشرك أهل الإسلام، ويخرج به من طاعة أمير المؤمنين، وقد جازت الرخصة في الكذب والخديعة في الحرب، وقد رأينا أنه عبد لأمير المؤمنين نطلب بذلك الثواب عند الله تعالى لترجع إلفة المسلمين وتسكن الثائرة، ولا غناء بكم عن حسن جزاء أمير المؤمنين، وهذا كتابه، فقرأه عليهم لما فيه من الإيعاد لمن امتنع، والإطماع لمن أجاب، وكان معه سليمان بن فليح فشفع كلامه.
  قال: وصاح بيننا أبو البختري: ما تنظرون، خدعكم فانخدعتم، وملتم معه على أمير المؤمنين، والله لئن امتنعتم من الشهادة عليه لتقتلنّ عن آخركم، ولتسبينّ ذراريكم، ولتؤخذنّ أموالكم؛ فتقدموا فشهدوا بأجمعهم أنه عبد لهارون وليس بابن بنت النبي ÷.
  وكانوا من أهل قزوين وزنجان وأبهر وشهريرد وهمذان والري ودنياوند
(١) كذا في الأصل، ويحمل على أن الواو للإستئناف، أي: وأنتم تنفونه، كقوله:
لن ما رأيت أبا يزيد مقاتلاً ... أدع القتال وأشهد الهيجاء
انتهى من الإمام الحجة/مجدالدين بن محمد المؤيدي #.