[كلام الفقهاء في الأمان الذي كتبه هارون ليحيى (ع)]
  إني لآمل أن ترتدّ إلفتنا ... بعد التقاطع والأحقاد والإحنِ
  وتنقضي دولة أحكام قادتها ... فينا كأحكام قوم عابدي وثنِ
  قد طال ما قد بروا بالجور أعظمنا ... بري الصناع قداح النبع بالسفنِ(١)
  فانهض ببيعتكم ننهض بطاعتنا ... إن الخلافة فيكم يا بني حسنِ
  لا عَزَّ ركنا نزار عند نائبة ... أن أسلموكم ولا ركنا ذوي يمنِ
  ألستَ أكرمهم يوماً إذا انتسبوا ... عوداً وأنقاهمو ثوباً من الدرن
  وأعظم الناس عند الناس منزلة ... وأبعد الناس من وصم ومن أَبَنِ(٢)
  وقيل: إن هذه الأبيات سبب يمين الزبيري، وقيل غير ذلك، وعلى الجملة إن الزبيري ظهرت نقمته، ولما مات ودفن في مقابر قريش انهار قبره فحملوا كل تراب قدروا عليه فما أجدى، ثم مرّت قافلة شوك حطباً إلى بغداد فأخذه مسرور فألقاه في القبر فما أغنى شيئاً، فسقفه بعيدان.
  وكان يقال: لو ادعى أحد لأحد بعد النبي ÷ نبوءة لأمكن أهل يحيى ادعاؤها له لما ظهر في أمره من الآيات في شيء بعد شيء مدة حبسه.
  وقد كان هارون يفرّج عنه ثم ينكص فيعيده، وقد أخرجه مرة من الحبس وأعطاه مائة ألف دينار واعتذر إليه، ثم رده؛ والخلاف في أمره واقع، مع الإجماع
(١) الصناع: يقال: امرأة صناع اليدين كسحاب: حاذقة ماهرة، والصناع الحمصي: رجل من حمص له حكاية مع دعبل بن علي الخزاعي. انتهى من القاموس.
النبع: شجر للقسي وللسهام ينبت في قلة الجبل، والنابت منه في السفح الشريان، وفي الحضيض الشوحط. انتهى من القاموس.
السَفَن محركة: جلد أخشن، وحجر ينحت به ويلين، أو كلما ينحت به الشيء، وقطعة خشناء من جلد ضب، وسمكه يسحج بها القدح حتى يذهب عنه آثار المبرأة. انتهى من القاموس.
(٢) الأبن: العيب والتهمة، وفي بعض الروايات: وهن. انتهى من الإمام الحجة/مجدالدين بن محمد المؤيدي #.