كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[دعوة الإمام إدريس بن عبدالله (ع)]

صفحة 606 - الجزء 1

  زهده فيه، ورغبته فيما ندب إليه، ومواساته أصحابه، وسعة أخلاقه، كما أدّبه الله وأمره وأمر العباد باتباعه وسلوك سبيله، والاقتداء بهدايته واقتفاء أثره.

  فإذ فعلوا ذلك أنجز لهم ما وعدهم كما قال ø: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ٧}⁣[محمد]، وقال: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}⁣[المائدة: ٢]، وقال: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ}⁣[النحل: ٩٠].

  وكما مدحهم وأثنى عليهم إذ يقول: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}⁣[آل عمران: ١١٠]، وقال ø: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}⁣[التوبة: ٧١].

  وفرض الله الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأضافه إلى الإيمان والإقرار بمعرفته، وأمر بالجهاد عليه والدعاء إليه، فقال تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ}⁣[التوبة: ٢٩]، وفرض قتال المعاندين عن الحق والمعتدين عليه على من آمن به وصدق بكتابه حتى يعود إليه ويفيء، كما فرض الله قتال من كفر به وصدّ عنه حتى يؤمن به ويعترف بدينه وشرائعه، فقال تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا ... الآية}⁣[الحجرات: ٩].

  فهذا عهد الله إليكم وميثاقه عليكم بالتعاون على البر والتقوى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، فرضاً من الله واجباً، وحكماً لازماً؛ فأين عن الله تذهبون؟ وأنى تؤفكون؟ وقد جابت⁣(⁣١) الجبابرة في الآفاق شرقاً وغرباً، وأظهروا الفساد، وامتلأت الأرض ظلماً وجوراً؛ فليس للناس ملجأ ولا لهم عند أعدائهم حسن رجاء.

  فعسى أن تكونوا معاشر إخواننا من البربر اليد الحاصدة للجور والظلم،


(١) أي قطعت. عن شيخنا أيده الله تعالى.