[ذكر أيام الأمين العباسي ومن كان بإزائه من أهل البيت (ع)]
  بويع له لسبع خلون من جمادى الآخرة سنة ثلاث وتسعين ومائة، وقُتل ليلة الأحد لخمس بقين من محرم سنة ثمان وتسعين ومائة.
  وكان قبيح السيرة، سفاكاً للدماء، ضعيف الرأي، قد غلب عليه اللعب واللهو والجواري والخصيان، وقد حكى عنه رواة أخبارهم كمحمد بن جرير وغيره، وإنما عيناه لأن فقيه الخارقة قد صحح روايته فصرنا نعتمد حكايته عنهم وإلا فأمرهم ظاهر: أن الجنود لما نزلت من عقبة حلوان جاء إليه الخبر فقال له: يا مولاي هذا طاهر بن الحسين قد نزل من عقبة حلوان في الجيوش، فلم يلتفت إليه، فلما ألح عليه، انتهره وقال: كوثر قد صاد سمكتين وأنا ما قد صدت شيئاً.
  ولما حُصر في بغداد وضويق إلى مدينة المهدي، وصارت المجانيق تقع في شق بساطه وهو يختار الجواري للغناء فغنته جارية فأخطأت في غنائها في الضرب أم في لفظة فشتمها بالقذف وقال: تغنيني الخطأ فخذوها، فكان آخر العهد بها، وشرح أخباره في هذا الباب يطول.
  وما أفاق من الخمر حتى الليلة التي قُتل فيها، ونكث العهد فيما بينه وبين أخيه، وإن كان لأولهم وآخرهم كالصفة الواجبة.
  ولاشتغاله بما كان عليه من المعاصي، واشتغاله بحرب أخيه؛ لهذا لم يقتل أحداً من أهل البيت $.
  ومما قيل فيه:
  أضاع الخلافة غشّ الوزير ... وفسق الإمام وجهل المشير(١)
  وما ذاك إلا طريقا غرور ... وشرّ المسالك طرق الغرور
(١) بعد هذا في تاريخ الطبري زيادة:
ففضلٌ وزيرٌ وبكرٌ مشير ... يريدان ما فيه حتف الأمير