كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[ذكر أيام المأمون العباسي ومن كان بإزائه من أهل البيت (ع)]

صفحة 616 - الجزء 1

  علويه على العود فاندفع يغني:

  أولئك قومي بعد عزّ ومنعة ... تفانوا فإلا أذرف العين أكمد

  فضرب المأمون الطعام برجله ووثب وقال لعلويه: يا ابن الفاعلة لم يكن لك وقت تذكر فيه مواليك إلا هذا الوقت.

  وذكرنا ذلك لأن القوم لم يكن فيهم تحاشٍ من الشرب على الطرقات وفي المنتزهات، ولا إحضار الندماء على اختلاف أجناسهم.

  حكى محمد بن جرير في تاريخه: أن أبا محمد اليزيدي شكا إلى المأمون خلة أصابته وديناً رهقه، فقال ما عندنا في هذه الأيام ما إن أعطيناك إياه بلغت به ما تريد، فقال: يا أمير المؤمنين إن الأمر قد ضاق عليّ وإن غرمائي قد أرهقوني، قال: فدبّر لنفسك أمراً تنال به نفعاً، قال: لك منادمون فيهم من إن حركته نلت منه ما أحبّ، فأطلق لي الحيلة فيهم، قال: قل ما بدا لك.

  قال: إذا حضروا وحضرتُ فمر فلاناً الخادم أن يوصل إليك رقعتي، فإذا قرأتها فأرسِل إليّ أن دخولك متعذّر في هذا الوقت، ولكن اختر لنفسك من أحببتَ.

  قال: فلما علم أبو محمد بجلوس المأمون واجتماع ندمائه إليه وتيقن أنهم قد ثملوا⁣(⁣١) من شرابهم أتى الباب فدفع إلى ذلك الخادم رقعة قد كتبها وأمره أن يوصلها إلى المأمون فقرأها المأمون؛ فإذا فيها:

  يا خير إخوان وأصحاب ... هذا الطفيلي على البابِ

  فصيروني واحداً منكمو ... أو أخرجوا لي بعض أترابي

  قال: فقرأها على من حضر، فقال: لا ينبغي أن يحضر هذا الطفيلي ونحن على مثل هذه الحال، فأرسل إليه المأمون: دخولك في هذا الوقت متعذّر فاختر


(١) الثَمَل محركة: السكر، ثمل كفرح فهو ثمل. انتهى من القاموس، وفي النهاية: الثمل الذي أخذ منه الشراب والسكر.