[ذكر قصة إبراهيم بن شكله المتسمي بالمهدي]
  لنفسك من أحببتَ منادمته، فقال: ما أرى لنفسي اختياراً غير عبدالله بن طاهر.
  فقال له المأمون: قد وقع اختياره عليك، فصِر إليه، قال: يا أمير المؤمنين أفأكون نديماً للطفيلي؟ قال: ما يمكن ردّه عن أمرين، فإن أحببتَ أن تخرج وإلا فافتد نفسك، قال: فقال: يا أمير المؤمنين له عليّ عشرة آلاف درهم، فقال: لا أحسب هذه تقنعه منك، ومن مجالستك، قال: فلم يزل يزيده عشرة عشرة، والمأمون يقول: لا أرضى له بذلك حتى بلغ مائة ألف، فقال له المأمون: عجّلها؛ فكتب له عبدالله إلى وكيله ووجه معه رسولاً، فأرسل إليه المأمون: اقبض هذه في هذه الحال فهي أصلح لك من منادمته على مثل حاله، وأنفع عاقبة من مجالسته، والشرح في مثل هذا يطول لو أردنا تقصي الموجود منه، وفي القليل بلاغ لأهل العقول.
[ذكر قصة إبراهيم بن شكله المتسمي بالمهدي]
  ولما بايع المأمون لعلي بن موسى الرضا # في شهر رمضان سنة إحدى ومائتين دعا إبراهيم بن المهدي إلى نفسه ببغداد ولقب المبارك وعقدت البيعة ببغداد سنة اثنتين ومائتين وهو المعروف بابن شكلة، وله من الآثار القبيحة في ارتكاب المحظورات واستباحة المحرمات ما ينبغي أن ننزه الأوراق من سطره والألسن عن ذكره، وإنما نذكر منه طرفاً كالمنبه لأهل السنة في أمر أصحابه وأمره، إنما هو شيخ المغنين بحيث كان يرجع إليه الجميع، وقد ذكره أبو فراس في شعره:
  منهم عليّة أم منكم وهل لهمو ... شيخ المغنين إبراهيم أم لكمو
  وقال فيه بعض شعراء بغداد في حال خلافته وقد ثبّط عن الأجناد أرزاقهم:
  يا معشر الأجناد لا تقنطوا ... خذوا الذي يأتي ولا تسخطوا
  فسوف تعطون حمينية ... يلتذها الأمرد والأشمط(١)
(١) حمينية: من أسماء الخمر.