كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[ذكر قصة إبراهيم بن شكله المتسمي بالمهدي]

صفحة 621 - الجزء 1

  عليك ياجارية كذا، فضربت بالعود وقالت: متى كنتم تحضرون مجالسكم الثقلاء؟ فندمت على ما كان منّي وتغيرت وجوه القوم، فقلت: أليس ثم عود؟ قالوا: بلى يا سيدنا، فأتيت بعود، فأصلحت من شأنه، واندفعت أغني بصوت:

  ما للمنازل لا يُجبن حزينا ... أعجمن أم بعد المزار قلينا

  روح العشية روحه محمودة ... إن متن متن وإن حيين حيينا

  قال: فما استتممت الصوت حتى خرجت الجارية يا أمير المؤمنين فأكبّت على قدمي تقبّلها، وقالت: المعذرة إلى الله وإليك، والله ما سمعت من يغني بهذا الصوت مثلك، وقام مولاها وكل من في البيت فصنعوا مثل ذلك، ثم طرب القوم فاستحثوا الشراب فشربوا بالكاسات والطاسات، ثم اندفعت أغني:

  أبى الله أن تمسين لا تذكرينني ... وقد سجمت عيناي من ذكرك الدما

  إلى الله أشكو بخلها وسماحتي ... لها عسل مني وتبذل عَلْقما

  فردي مصاب القلب أنت قتلته ... ولا تتركيه ذاهل القلب مغرما

  إلى الله أشكو أنها أجنبية ... وإني لها بالود ما عشت مكرما

  فأمسكت ساعة حتى دفعوا ما كانوا فيه، ثم اندفعت أغني:

  هذا محبك مطوي على كمده ... صب مدامعه تجري على جسده

  له يد تترك العينين دامية ... مجانة ويداً أخرى على كبده

  يا من رأى دنفاً مستهتراً أسفاً ... كانت منيّته في فصه ويده

  فجعلت الجارية تصيح يا أمير المؤمنين: السلاح السلاح، وبكى القوم وخرجوا من عقولهم، وكان صاحب المنزل جيد الشراب حسن المعرفة فأمر غلمانه مع غلمانهم وأمرهم بحفظهم وصرفهم إلى منازلهم.

  وخلوت معه، ثم قال: يا سيدي ذهب والله ما كان من أيامي الأولى ضياعاً إذ