[ذكر قصة إبراهيم بن شكله المتسمي بالمهدي]
  كنت لا أعرفك؛ من أنت يا مولاي؟ فلم يزل بي حتى أخبرته، فقام فقبل رأسي، وقال: يا سيدي وأنا أعجب أن يكون هذا الأدب إلا لمثلك، وإذا أنا مع ابن الخلافة ولم أعلم.
  ثم سألني عن قصتي وكيف جلب نفسي على ما فعلت؛ فأخبرته الخبر من أوله، فقال: يا فلانة قولي لفلانة تنزل، فلم يزل يُنزل جواريه واحدة واحدة أنظر إلى كفّها وأقول ليس هذه، ثم قال: والله ما بقي غير أمي وأختي، والله لأنزلنهما إليك؛ فعجبت من سماحته ومن كرمه.
  قلت: جعلت فداك فابدأ بالأخت قبل عسى أن تكون هي، ففعل، فلما رأيت كفّها، قلت: هي هذه؛ فأمر غلمانه فأحضروا عشرة من أجلاء جيرانه ثم دعا ببدرتين فيهما عشرون ألف درهم، ثم قال للمشائخ: هذه أختي فلانة وأنا أشهدكم أنني قد زوجتها إبراهيم بن المهدي، وأمهرتها عشرة آلاف درهم، وعقد النكاح صحيحاً، ودفع البدرة وفرّق البدرة الثانية على المشائخ، ثم قال: اعذروا فهذا الذي حضرنا في هذا الوقت.
  فلما انصرفوا قال: يا سيدي أنمهد لك في بعض البيوت حتى تنام مع أهلك، فأحشمني ما رأيت منه وسعة صدره، فقلت: بل أحضر عمارية واحملها إليّ، فقال: افعل ما شئت، فحملها إليّ؛ فوحقك يا أمير المؤمنين لقد حمل إليّ من الجهاز ما عجبت من كرم الرجل.
  فأطلق المأمون الطفيلي وأجازه بجائزة حسنة، وأمر إبراهيم بإحضار ذلك الرجل، فكان من خواص المأمون وأهل مودته، ولم يزل معه على أحسن حال، وهو الذي قال فيه دعبل:
  إن كان إبراهيم مضطلعاً بها ... فلتصلحن من بعده لمخارق
  ولتصلحن من بعد ذاك لزلزل ... ولتصلحن من بعده للمارق
  أنى يكون وليس ذاك بكائن ... يرث الخلافة فاسق عن فاسق