كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[ذكر خبر أبي السرايا ¦]

صفحة 627 - الجزء 1

  مظلومة والنبي والدها ... تدير أرجا مقلة حافل

  ألا مساعير يغضبون لها ... بسلة البيض والقنا الذابل

  ثم أقبل إليّ فقال: ممن الرجل؟ قلت: من الدهاقين بالمدائن، قال: سبحان الله يحن الولي إلى وليه كما تحن الناقة إلى حوارها، يا شيخ أما إن هذا موقف يكثر لك عند الله شكره ويعظم أجره.

  ثم وثب فقال: من هاهنا من الزيدية فليقم إليّ، فوثب إليه جماعة من الناس فدنوا منه فخطبهم خطبة طويلة ذكر فيها أهل البيت $ وفضلهم وما خصوا به وذكر فعل الأمة بهم وظلمهم لهم، وذكر الحسين بن علي @ وقال: أيها الناس هبكم لم تحضروا الحسين فلم تنصروه فما يقعدكم عمّن أدركتموه ولحقتموه، وهو غداً خارج طالب بثأره ودمه وتراث آبائه، وإقامة دين الله وما يمنعكم من نصرته وموازرته، إني خارج من وجهي هذا إلى الكوفة للقيام بأمر الله والذب عن دينه والنصر لأهل بيت نبيئه، فمن كانت له نية في ذلك فليلحق بي.

  ثم مضى من فوره عامداً الكوفة ومعه أصحابه وقد خرج محمد بن إبراهيم # في اليوم الذي وعده فيه أبو السرايا - رحمة الله عليه - فأظهر نفسه وبرز إلى ظهر الكوفة ومعه علي بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وأهل الكوفة منبثون مثل الجراد إلا أنهم على غير نظام، ولا قوة بكراع ولا سلاح إلا العصي والسكاكين والآجر.

  فلم يزل محمد # ومن معه ينتظرون أبا السرايا ويتوقعونه فلا يرون أثراً حتى أيسوا منه وشتمه بعضهم، ولاموا محمد بن إبراهيم # على الاستعانة به، فبان غم محمد # لتأخره في وجهه؛ فبينما هم كذلك إذ طلع عليهم من نحو الجوف علمان أصفران وخيل فتنادى الناس بالبشارة وكبروا وتبصروا فإذا هو أبو السرايا ومن معه، فلما دنا أبو السرايا ونظر إلى محمد بن إبراهيم ترجل وأقبل إليه فأكب عليه واعتنقه، ثم قال: يا ابن رسول الله ما يقيمك هاهنا ادخل البلد ما يمنعك منه أحد.