[رجع إلى خبر أبي السرايا ¦]
  وهم على تعبئة حسنة وأصوات الطبول والبوقات مثل الرعد القاصف.
  وأبو السرايا يقول: يا أهل الكوفة صححوا لله نياتكم، وأخلصوا له ضمائركم واستنصروه على عدوكم وابرأوا إليه من حولكم وقوتكم واقرأوا القرآن، ومن كان يروي الشعر فلينشد شعر عنترة العبسي.
  ومر بالناس الحسن بن هذيل يعترض الناس ناحية ناحية، ويقول: يا معشر الزيدية هذا موقف تشترك فيه الأقدام وتزايل فيه الأفعال، والسعيد من حاط دينه، والرشيد من وفى لله بعهده وحفظ محمداً في عترته، إن الآجال مؤقتة والأيام معدودة، ومن هرب بنفسه من الموت كان الموت محيطاً به، ثم قال متمثلاً:
  من لم يمت غبطة يمت هرماً ... الموت كأس والمرء ذائقها
  قال أبو الفرج علي بن الحسين الأصفهاني |: الحسن بن الهذيل هذا صاحب الحسين المقتول بفخ، وقد روى عنه الحديث.
  قالوا: فطلع رجل من أهل بغداد شاك(١) في السلاح فجعل يشتم أهل الكوفة ويقول لهم: لنفجرن ببناتكم ولنفعلن ولنصنعن؛ فانتدب له رجل من أهل الوازار قرية بباب الكوفة عليه إزار أحمر في يده سكين.
  فألقى بنفسه في الفرات وسبح ساعة حتى صار إليه فأدخل يده في جيب درعه وجذبه إليه فصرعه وضرب بالسكين حلقه فقتله وجر برجليه يطفو مرة ويغوص أخرى حتى أخرجه إلى أهل الكوفة؛ فكبر الناس فارتفعت أصواتهم بحمد الله والثناء عليه والدعاء.
  وخرج رجل من ولد الأشعث بن قيس فعبر إلى البغداديين ودعا للبراز، فبرز له رجل فقتله، وبرز له آخر فقتله، وبرز إليه ثالث فقتله، حتى قتل نفراً، وأقبل أبو السرايا فلما رآه شتمه وقال: من أمرك بهذا ارجع، فمسح سيفه بالتراب ورده
(١) ذو شوكة وحد. انتهى من القاموس.