[ذكر الوقعات التي دارت بين أبي السرايا والمسودة]
  وحووا عسكره، وحرق زيد بن موسى دور بني العباس بالبصرة فلقب بذلك: زيد النار. وتتابعت الكتب وتواترت على محمد بن محمد بالفتوح من كل ناحية وكتب إليه أهل الشام والجزيرة أنهم ينتظرون من يوجه إليهم رسولاً يسمعون له ويطيعون.
[ذكر الوقعات التي دارت بين أبي السرايا والمسودة]
  وعَظُم أمر أبي السرايا على الحسن بن سهل، وكتب إلى طاهر بن الحسين أن يصير إليه لينفذه لقتاله، فكتب إليه رقعة لا يدري من كتبها فيها أبيات:
  قناع الشك يكشفه اليقينُ ... وأفضل كيدك الرأي الرصينُ
  تثبت قبل ينفذ منك أمرٌ ... يهيجُ بشره داءٌ دفينُ
  أتندب طاهراً لقتالِ قومٍ ... بنصرتهم وطاعتهم يدينُ
  سيطلعها عليك معقلات ... تصر ودونها حرب زبونُ
  ويبعث كامناً في الصدر منه ... ولا يخفى إذا ظهر المصون
  فشأنك واليقين فقد أنارت ... معالمه وأظلمت الظنونُ
  ودونك ما تريد بعزم رأي ... تدبره ودع ما لا يكونُ
  فرجع عن رأيه وكتب إلى هرثمة بن أعين وأنفذ إليه السندي بن شاهك، وسأله اللحاق به وسأله التعجيل وترك القدوم إلى خراسان، وكان ردأً له، وكان بين الحسن بن سهل وبين هرثمة شحناء فخشي أن لا يجيبه إلى ما يريد.
  ففعل ذلك السندي وأوصل إليه الكتاب ولحقه بحلوان، فلما قرأ الكتاب تغيظ وقال: نوطئ نحن الخلافة ونمهد لهم أكنافها ثم يستبدون بالأمور ويستأثرون بالتدبير علينا، فإذا انفتق عليهم فتق لسوء تدبيرهم وإضاعتهم الأمور أرادوا أن يصلحوه بنا، لا والله ولا كرامة حتى يعرف أمير المؤمنين سوء آثارهم.
  قال السندي: وباعدني مباعدة يأست منها أن يساعدني إلى أن أخرجت إليه كتاب منصور بن المهدي؛ فبكى بكاء شديداً ثم قال: فعل الله بالحسن بن سهل