[الإمام القاسم بن إبراهيم (ع)]
  وكانت فضيلة السبق إلى منابذة الظالمين، والامتناع من بيعتهم، وترك متابعتهم انتهت إلى هؤلاء من جملة أعيان العترة الطاهرة $، فلما اتفقوا أجمعوا على القاسم # وبايعوه بالإمامة، والكلام في أمره يطول، وإنما نذكر ما يدل على وجه التنبيه لأهل الأديان والبصائر أي الفريقين أولى بالإمامة والأمة، وأجدر بالخلافة والزعامة، الذرية الطاهرون الذين يقضون بالحق وبه يعدلون أو جبابرة بني العباس الذين أفنوا أعمارهم في اللذات وعكفوا على الشهوات؟
  وروى السيد أبو طالب # عن أبي العباس الحسني ¥ رفعه إلى جده الحسن بن إبراهيم، عن ابن أبي عبدالله الفارسي خادم القاسم # وملازمه في السفر والحضر، قال: اشتد عليه الطلب وقد دخلنا إلى أداني أرض مصر، فانتهى إلى خان فاكترى خمس حجر متلاصقات، فقلت: يا ابن رسول الله نحن في عوز من النفقة ويكفينا حجرة من هذه الحجر؛ ففرغ حجرتين عن اليمين وحجرتين عن الشمال ونزل الوسطى، وقال: هذا أوقى لنا من جوار فاجر أو سماع منكر.
  أين هذا يا فقيه الخارقة ممن يشقق ثيابه من الطرب على ضرب العيدان بين أيدي السكارى ويصيح في بيت العافية السلاح السلاح، ممن هذه حاله في الزهد والخشونة والتوقي؛ فإذا تناطحت جباه الخيل فنصيبه منها الكمي(١) المعلم(٢)؟
  كما علمت وعلم غيرك من القائمين من العترة أنهم هجنوا بفرسان الملاحم من الأعارب والأعاجم.
  وروى أبو الفرج في كتابه الصغير في أخبار الطالبيين: أن القاسم # دعا إلى الله في مخمصة، فقال: اللهم إني أسألك بالاسم الذي دعاك به صاحب سليمان
(١) الكمي كغني: الشجاع أو لابس السلاح كالمتكمي، الجمع كماة وأكماء. انتهى من القاموس. يقال: كمى نفسه سترها بالدرع والبيضة من باب رمى أفاده القاموس.
(٢) المعلم يقال: أعلم الفرس علق عليها صوفاً ملوناً في الحرب، ونفسه: وسَمَهَا بسيماء الحرب. انتهى من القاموس معنى.