كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[اختبار المأمون لعبدالله بن طاهر وبحثه عن دفين نيته]

صفحة 664 - الجزء 1

  لم يقض من حاجاته ... وطراً ولم يمهد لدين

  نَصِبَاً لكل مهمة ... حمال أعباء الحزين

  لله در عصابة ... باعوا التظنن باليقين

  فسمت بهم همم العلى ... عن صفقة الحظ الغبين

  فتأثلوا عز التقى ... وذخيرة الفضل المبين⁣(⁣١)

  ومما نختم به هذا الباب أن المأمون لم يزل مدة حياته وَجِل القلب مقروح الكبد من مخافة القاسم بن إبراهيم # لما يعلم من فضله وميل فضلاء الأمة إليه.

[اختبار المأمون لعبدالله بن طاهر وبحثه عن دفين نيّته]

  وكان طاهر بن الحسين مائل الهوى إلى آل أبي طالب لا يشرك معهم أحداً في محلهم من الفضل أبداً، ولما استولى عبدالله بن طاهر على مصر واتسقت له الأمور، قال بعض إخوة المأمون له: يا أمير المؤمنين إن عبدالله بن طاهر يميل إلى ولد أبي طالب وكذا كان أبوه قبله، قال: فدفع ذلك المأمون وأنكره.

  ثم عاد بمثل هذا القول، فدس إليه رجلاً ثم قال له: امض في هيئة الغزاة والنساك إلى مصر فادع جماعة من كبرائها إلى القاسم بن إبراهيم طباطبا، واذكر مناقبه وعلمه وفضائله، ثم صر بعد ذلك إلى بطانة عبدالله بن طاهر، ثم ائته فادعه ورغبه في استجابته له وابحث عن دفين نيته بحثاً شافياً وائتني بما تسمع منه.

  قال: ففعل الرجل ما قال له وأمره به، حتى إذا دعا جماعة من الرؤساء والأعلام قعد يوماً بباب عبدالله بن طاهر وقد ركب إلى عبيد الله بن السري بعد صلحه وأمانه، فلما انصرف قام إليه الرجل فأخرج من كمه رقعة فدفعها إليه، فأخذها بيده، قال: فما هو إلا أن دخل، خرج الحاجب إليه فأدخله عليه وهو قاعد على بساطه ما بينه وبين الأرض غيره وقد مد رجليه وخفاه فيهما.


(١) قوله فتأثلوا: تأصلوا واكتسبوا.