كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

ذكر أيام المعتصم، ومن كان بإزائه من العترة الطاهرة (ع):

صفحة 668 - الجزء 1

  جند كالبحر، فلقيناهم فهزمناهم أقبح من هزيمة الحسين بن نوح، فانحاز إلى بعض النواحي ولم يرجع إلى عبدالله بن طاهر، وكتب إليه يعتذر وحلف أن لا يرجع إليه إلا أن يظفر أو يقتل.

  فأمده عبدالله بن طاهر بجيش آخر ضخم، فسار إلينا، فلقيناه وقاتلناه، وقد كمن كميناً فقاتلنا ساعة ثم انهزم متطارداً وأتبعهم جنودنا، فلما تفرقنا في طلبه خرجت الكمناء على أصحابنا من كل وجه فانهزمنا، وأفلت محمد بن القاسم وصار إلى نساء مستتراً.

  وحكى أبو الفرج في كتابه رفعه إلى ابن الأزهر، قال: حدثني علي بن محمد الأزدي، قال: حدثني إبراهيم بن غسان بن الفرج الصوري صاحب عبدالله بن طاهر، قال: دعاني الأمير عبدالله بن طاهر يوماً فدخلت فوجدته قاعداً وإلى جنبه كرسي عليه كتاب مختوم غير معنون ويده في لحيته يخللها وكان ذلك من فعله دليلاً على غضبه؛ فتعوذت بالله من شره ودنوت منه، فقال لي: يا إبراهيم إحذر أن تخالف أمري فتسلطني على نفسك فلا أبقي لك باقية.

  قلت: أعوذ بالله أن أحتاج في طاعتك إلى هذا الوعيد، وأن أتعرض لشيء من سخطك، فقال: قد جردت لك ألف فارس من نخبة عسكري وأمرت أن يحمل معك مائة ألف درهم تصرفها فيما تحتاج إلى صرفها فيه من أمورك، فاضرب الساعة بالطبل والبوق فإنهم يتبعونك.

  فاخرج فاركض وخذ من خاصة خيلي ثلاثة أفراس تجنب معك تتنقل عليها وخذ بين يديك دليلاً قد رسمته لصحبتك فادفع إليه من المال ألف درهم واحمله على فرس من الثلاث واتركهن بين يديك.

  فإذا صرت على فرسخ واحد من نسأ فافضض هذا الكتاب واقرأه واعمل بما فيه ولا تغادر منه حرفاً ولا تخالف مما رسمته شيئاً، واعلم أن لي عيناً من جملة من صحبك يخبرني بأنفاسك فاحذرني ثم احذر وأنت أعلم.