كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

ذكر أيام المعتصم، ومن كان بإزائه من العترة الطاهرة (ع):

صفحة 669 - الجزء 1

  قال إبراهيم بن غسان: فخرجت وضربت بالطبل ووافى الفرسان الساذباج، وهو موضع قصور آل طاهر، وعبدالله مشرف من مستشرف له علينا، فعبيت أصحابي ودفعت فرسي أركضه وتبعوني نسير حيناً ونقر حيناً.

  حتى صرنا في اليوم الثالث إلى نسأ على فرسخ منها ففضضت الكتاب وقرأته فإذا فيه: سر على بركة الله وعونه فإذا كنت على فرسخ من نسأ فعب أصحابك تعبئة الحرب، وادخل نسأ وأنفذ قائداً من قوادك في ثلاثمائة حتى يأخذ على صاحب البريد داره فيحدق بها هو وأصحابه وأنفذ خمسمائة إلى باب عاملها تحذراً من وقوع حيلة ببيعة في أعناقهم لمحمد بن القاسم، وسر في أصحابك إلى محلة كذا وكذا درب كذا وكذا دار فلان بن فلان فادخل الدار الأولى ثم انفذ منها إلى دار ثانية فإذا دخلتها فانفذ منها إلى دار ثالثة، فإذا دخلتها فارق على درجة فيها على يمينك فإنك تصير إلى غرفة فيها محمد بن القاسم العلوي الصوفي ومعه رجل من أصحابه يقال له أبو تراب فاستوثق منهما بالحديد استيثاقاً شديداً وأنفذ إلي خاتمك مع خاتم محمد بن القاسم لأعلم ظفرك به قبل كتابك، وأنفذ الخاتمين مع الرسول ومره فليركض بهما ركضاً حتى يصير إلي في اليوم الثالث إن شاء الله تعالى، ثم اكتب إلي بعد ذلك شرح خبرك وكن على غاية التحرز والتحفظ والتيقظ في أمره حتى تصير به وبصاحبه إلى حضرتي.

  قال إبراهيم: فما رأيت خبراً كأنه وحي مثله؛ فصرت إلى الموضع فامتثلت أمره فوجدت محمداً على رأس الدرجة متلثماً بعمامة وقد شد له محمل على بغل بسفل الدرجة وهو يريد الرحيل إلى خوارزم، فقبضت عليه فقلت هات خاتمك فأعطاني خاتمه، فأنفذته مع خاتمي إلى عبدالله مع رجل دفعت إليه فرساً من تلك الخيل يركبه وجنيبة يجنبها إن تعثر فرسه، وأمرت بعض أصحابي يدخل الغرفة فقال لي: ما تريد من دخول الغرفة وقد أخذتني وأنا بغيتك؟ قال: فلم ألتفت إلى قوله، وأمرت أصحابي فدخلوا الغرفة ففتشوها فوجدوا أبا تراب تحت نقير، والنقير شبيه بالحوض من خشب يعجن فيه الدقيق ويعتصر فيه العنب.