كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

ذكر أيام المعتصم، ومن كان بإزائه من العترة الطاهرة (ع):

صفحة 672 - الجزء 1

  حاسر وعديله شيخ من أصحاب عبدالله بن طاهر، وأصحاب السماجة بين يديه يلعبون والفراغنة يرقصون، فلما رآهم محمد بكى، وقال: اللهم إنك تعلم أني لم أزل حريصاً على تغيير هذا وإنكاره.

  قال: وجعلت الفراغنة يحملون على العامة ويرمونهم بالقذر والميتة، والمعتصم يضحك، ومحمد بن القاسم يسبح ويستغفر الله ويحرك شفتيه يدعو عليهم، والمعتصم جالس في جوسق⁣(⁣١) كان له بالشماسية ينظر إليهم، ومحمد واقف.

  فلما فرغوا من اللعبة مروا بمحمد بن القاسم #؛ فأمر بدفعه إلى مسرور الكبير فدفع إليه، فحبسه في سرداب شبيه بالبئر فكاد أن يموت فيه فأنهي ذلك إلى المعتصم وقيل: إنه دعا إليهم إن كان صاحبكم يريد قتلي فالآن أموت الساعة، وإن كان يريد حبسي فأعلموه.

  فأمر المعتصم بإخراجه منه فأخرجه وحبسه في قبة في بستان موسى مع المعتصم في داره، ووكل به مسرور عدة من غلمانه وثقاته، وكانت في القبة التي هو محبوس فيها عدة روازن وكُوَى واسعة الضوء فطلب مقراضاً يكون عنده يقص أظفاره فدفع إليه فعمد إلى لبد كانت تحته فقطع نصفه وقصه بالمقراض كهيئة السيور وعمل منه مثل السلم، وطلب منهم سعفة ذكر أنه يريد يطرد بها الفأر فإنه يأكل خبزه فينجسه عليه فأعطوه؛ فقطعها وخرز حواليها بالمقراض حتى كسرها ثلاث قطع وقرنها بمسواكه وجعلها في رأس السلم وحلَّق به في أقرب روزنة من تلك الروازن التي عليه وعلق فيها وتسلق عليه وجذبه إليه لما صعد فاستقر.

  وكانت ليلة الفطر من سنة تسع عشرة ومائتين وقد أدخلت الفواكه والرياحين وآلة العيد على رؤوس الحمالين إلى البستان وصار الحمالون إلى القبة


(١) الجوسق: القصر.