كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[ذكر أيام المستعين بالله العباسي ومن كان بإزائه من أهل البيت (ع)]

صفحة 691 - الجزء 1

  الأئمة الطاهرين من آبائه $.

  وكان فارساً شجاعاً ورعاً عالماً عابداً كريماً فاضلاً شديد البدن مجتمع القلب، بعيداً من رهق الشباب⁣(⁣١) وما يعاب به الناس.

  ذكر محمد بن أحمد الصيرفي أبو عبيد وأحمد بن عبيد الله بن عمار وغيرهما أنه كان مقيماً ببغداد وكان له عمود حديد ثقيل يكون في منزله وكان ربما سخط على العبد والأمة من حشمه فيلوي ذلك العمود في عنقه فلا يقدر أحد يحله حتى يحله يحيى.

  ولما أراد الخروج بدأ فزار قبر الحسين بن علي @، وأظهر لمن حضره من الزوار ما أراد فاجتمعت إليه جميعة من الأعراب ومضى فقصد شاهي فأقام بها إلى الليل، ثم دخل الكوفة ليلاً وجعل أصحابه ينادون الناس: أجيبوا داعي الله؛ حتى اجتمع إليه خلق.

  فلما كان من غد مضى إلى بيت المال فأخذ ما فيه ووجه إلى قوم من الصيارفة عندهم مال السلطان فأخذه منهم، وصار إلى بني حمان وقد اجتمع أهله، ثم جلس إليهم، فجعل أبو جعفر محمد بن عبدالله الحسني المعروف بالأدرع - وإنما سمي الأدرع لأن أسداً أدرع خرج في أيامه فعاث في الأرض وأهلك الناس فما قامت له قائمة، فبرز إليه فقتله فسمي الأدرع - يشاوره ويعظم عليه أمر السلطان وكِبر ما ركبه ومباينة القوم على قرب دارهم وكثرة جنودهم.

  فبينا هم كذلك إذ أقبل عبدالله بن محمود في جند كان معه وانضم إليه من كان يرى رأي القوم فصاح بعض الأعراب بيحيى: أيها الرجل إنك مخدوع هذه الخيل قد أقبلت؛ فوثب يحيى، فجال في ظهر فرسه كأنه الأسد وحمل على عبدالله فضربه ضربة بسيفه على وجهه فولى منهزماً وتبعه أصحابه منهزمين.


(١) السيئات (نخ).