كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الإمام يحيى بن عمر الحسيني (ع)]

صفحة 692 - الجزء 1

  ثم رجع إلى أصحابه فجلس معهم ساعة، ثم خرج إلى الوزراء في عسكره، ومضى إلى جُنْبُلا، وشاع خبر يحيى بن عمر وانتهى إلى بغداد فندب له محمد بن عبدالله بن طاهر ابن عمه الحسين بن إسماعيل، وضم إليه جماعة من القواد، منهم: خالد بن عمران، وأبو السنا الغنوي، ووجه الفلس وعبدالله بن نصر بن حمزة، وسعد الضبابي في جنود عظيمة فنفذوا إليه على كره، وكان هوى أهل بغداد مع يحيى، ولم يُرَوا قط أنهم مالوا إلى طالبي خرج غيره.

  فنفذ الحسين إلى أن دخل الكوفة فأقام بها أياماً، ثم مضى قاصداً ليحيى حتى وافاه وهو مقيم بنهيدف فتقاوموا أياماً، ثم ارتحل يحيى قاصداً القستين، فنزل قرية يقال لها البحرية، وكان على خراج الناحية أحمد بن علي الإسكافي وعلى حربها أحمد بن الفرج الفزاري، فحمل أحمد بن علي مال الخراج وهرب به وثبت ابن الفرج فناوش يحيى مناوشة يسيرة وولى عنه.

  ومضى يحيى لوجهه يريد الكوفة فعارضه المعروف بوجه الفلس فقاتله قتالاً شديداً فانهزم عنه فلم يتبعه يحيى، ومضى وجه الفلس لوجهه حتى نزل بشاهي، فصادف بها الحسين بن إسماعيل، وكان معه رجل يعرف بالهيصم بن العلا العجلي، فوافاه يحيى في عدة من أهله وعشيرته وقد تعبت خيلهم ورجالهم، فصاروا إلى عسكره فحين التقوا كان أول من انهزم في خيله ورجاله، فقيل: إن الحسين بن إسماعيل عامله في ذلك، وقيل: بل انهزم لعظم ما لقي.

  وقد روى علي بن سليمان الكوفي عن أبيه، قال: لقيت الهيصم فذكرنا يحيى بن عمر وهزيمته عنه، فحلف بالطلاق ثلاثاً ما انهزمت لصنع ولا نفاق وإنما كان يحيى رجلاً يرقا في الحرب فكان يحمل وحده فيرجع فنهيته عن ذلك فلم يقبل وحمل مرة كما كان يفعل فبصرت عيني به وقد صرع في وسط عسكرهم، فلما رأيته قد قتل انصرفت بأصحابي.

  وعلى الحديث الأول أن يحيى لما رأى هزيمة الهيصم وأصحابه وقف ولم