[الإمام يحيى بن عمر الحسيني (ع)]
  يكترث بذلك ولم يزل يقاتل حتى قتل ¦ بعد بلاء شديد ونكاية عظيمة، واحتز رأسه سعيد(١) الضبابي وكان في وجهه ضربات لم يكد يُعرف معها.
  ولم يتحقق أهل الكوفة قتله فوجه إليهم الحسين أبا جعفر الحسني يعلمهم أن قد قتل فلم يقبلوا منه وشتموه وهموا به وقتلوا غلاماً كان وجه معه، فوجه إليهم أخاً كان لأبي الحسين يحيى بن عمر من أمه يعرف بعلي بن محمد الصوفي من ولد عمر بن علي بن أبي طالب # وكان رجلاً رفيقاً ديّناً مقبول القول فعرّف الناس قتل أخيه، فضج الناس بالبكاء والصراخ والعويل.
  وكانوا ثابتين في القتال فلما أيقنوا انصرفوا فلم يلحقهم الحسين رضاً بما قد نال، وانكفأ راجعاً إلى بغداد برأس يحيى بن عمر #، فلما دخل بغداد جعل أهلها يضحكون استهزاء به واستبعاداً لما ذكر من قتل يحيى بن عمر وشاع ذلك حتى أن الغوغاء والصبيان يصيحون في الطرقات: ما قتل ولا فر ولكن دخل البر.
  ولما دخل الناس على محمد بن عبدالله بن طاهر يهنئونه بالفتح، ودخل أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري وكان ذا عارضة ولسان وشدة جنان لا يبالي بما استقبل به الكبراء من أصحاب السلطان، فقال: أيها الأمير قد جئتك مهنئاً بما لو كان رسول الله ÷ حياً لعُزي به(٢)، فلم يجبه محمد بن عبدالله عن هذا بشيء.
  وأمر محمد بن عبدالله حينئذ أخته ونسوة من حرمه بالشخوص إلى خراسان وقال: إن هذه الرؤوس من قتلى أهل هذا البيت لم تدخل بيت قوم قط إلا خرجت منه النعمة وزالت عنه الدولة فتجهزن للخروج وأدخل الأسارى من
(١) سعد (نخ).
(٢) قال ¦ في التعليق: وخرج من دار أبي طاهر وهو يقول:
يا بني طاهرٍ كلوه وبيَّاً ... إن لحم النبي غير مَرِيِّ
إن وتراً يكون طالبه اللـ ... ـه لَوتْراً بِا لفَوتِ غير حَرِيِّ
ذكره في مروج الذهب.