[ذكر بعض مما رثي به الإمام يحيى بن عمر (ع)]
  أبيت إذا نام الخلي كأنما ... تبطن أجفاني سَيَالٌ وعوسج(١)
  أيحيى العلى لهفاً لذكراك لهفة ... يباشر مكواها الفؤاد فينضج
  أحين تراءتك العيون جِلاءها ... وأقذاءها ظلت مراثيك تنسج
  بنفسي وإن فات الفداء بك الردى ... محاسنك اللاتي تمخ فتُنهج(٢)
  لمن تستجد الأرض بعدك زينة ... فتصبح في أثوابها تتبرج
  سلام وريحان وروح ورحمة ... عليك وممدود من الظل سجسج(٣)
  ولا برح القاع الذي أنت جاره ... يرف عليه الأقحوان المفلج(٤)
  ويا أسفاً أن لا ترد تحية ... سوى أرج من طيب رمسك يأرج
  ألا إنما ناح الحمائم بعدما ... ثويت وكانت قبل ذلك تهزج(٥)
  أذم إليك العين أن دموعها ... تداعى لنار الشوق حين توهج(٦)
  وأحمدها لو كفكفت من غروبها ... عليك وخلت لاعج الحزن يلعج(٧)
  وليس البكا أن تسفح العين إنما ... أحر البكاءين البكاء المولج(٨)
  أتمتعني عيني عليك بعبرة ... وأنت لأذيال الروامس مدرج(٩)
(١) سيال وعوسج: نوعان من الشوك.
(٢) تمخ: تزداد نماء ونضارة، يقال: أنخ العود إذا ابتل وجرى فيه الماء. وتنهج: أي يقتدى بها.
(٣) سجسج: أي البارد اللين.
(٤) الأقحوان: البابونج زهر شجر أبيض كثير النفع.
(٥) تهزج: أي تغني مع ترنم.
(٦) توهج: أي توقد بشدة.
(٧) غروبها: دموعها. ولاعج الحزن: مؤلمه.
(٨) المولج: اسم مفعول بمعنى المدخل إلى القلب.
(٩) أتمتعني: أتساعدني وتنفعني. والروامس: الرياح التي تدفن الآثار. والمدرج: المسلك.