كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[ذكر أيام المتقي العباسي ومن بإزائه من أهل البيت (ع)]

صفحة 753 - الجزء 1

  فكان في محل الإمامة ومنزلة الزعامة، ولما ينتظم له الأمر بحيث يتمكن من إنفاذ الأحكام، ومحاربة الظالمين، وعاصر الملقب بالقاهر والراضي والمتقي، فكانت خلافة الراضي ست سنين وعشرة أشهر وعشرة أيام.

  وكان في مدة خلافته يضارب بين أصحابه ويغاري بينهم، ولم يكن بالقاصر عن مسعاة من تقدمه في معاصي الله سبحانه وتعالى، وقطع يد وزيره علي بن مقلة، ولم يبق بعده للوزارة نظام ولا للملك بهجة، ولم يبق إلا اسم الوزارة من غير نظر إلى الأعمال. وكان المتولي للأمر دونه تحكم التركي فصار يدبر الملك كيف شاء من غير مراعاة لرسوم الدين.

[ذكر أيام المتقي العباسي ومن بإزائه من أهل البيت (ع)]

  فلما مات الراضي قام بالأمر بعده الملقب بالمتقي، يكنى أبا إسحاق، إبراهيم بن المقتدر، وأمه: أم ولد تسمى خلوب.

  بويع له يوم الأربعاء لعشر بقين من شهر ربيع الأول سنة تسع وعشرين وثلاثمائة، وكان على منهاج من تقدمه من أهله في ارتكاب المعاصي واطراح فرائض الله سبحانه وتعالى، ولم يبق لأمره نظام.

  وكان تحكم المتولي على الملك وهو في حكم المولى عليه لا ينفذ الأمور بحكم إلا بما أراد تحكم، ورجا الأمر على ذلك إلى أن قتل تحكم في متصيد له، فصار التدبير لكورتكين أبي شجاع، ولم يترك للمتقي شيئاً من الأمور، فكتب إلى ابن راتق يستدعيه فسار من دمشق إلى بغداد وهرب كورتكين.

  وكانت إمارته ثمانين يوماً، وخلع ابن راتق وطوق وسور، وفي أيام المتقي وقع الغلاء العظيم في الأسعار حتى بلغ كُرُّ الحنطة مائتين وعشرة دنانير، وخرج الحرم من قصر الرصافة يعني الخلافة ينادين: الجوع الجوع.

  ووصل أبو الحسين اليرندي إلى بغداد وملك أصحابه دار السلطان وهرب المتقي وابنه وابن راتق إلى الموصل فتجور بني حمدان؛ فقتلوا ابن راتق واعتلوا بأنه أراد الإيقاع بالمتقي.