[ذكر شيء من ورع واحتياط وشجاعة الإمام المؤيد بالله (ع)]
  عندهم لعلمهم بعدله وورعه كآحاد المسلمين، فلما ظهر له ذلك منهم سرَّه وأمسك، وإلا فقد كانت له على الملوك سطوة وفي قلوبهم هيبة لم تكن لكثير من أئمة الهدى $ والحكاية في ذلك تتسع، وإنما نذكر من ذلك شيئاً يدل على غيره.
  من ذلك: ما رواه الفقيه أبو الحسين الاستراباذي، رفعه إلى إبراهيم بن أرج الفقيه، قال: كان المؤيد بالله # جالساً في بعض الأيام، وعلي بن سرحان الملك جالس على يساره فجاء رجل بَقَّار وسلم على المؤيد بالله # فرد عليه السلام، ثم قال: أيها الإمام لي دعوى على علي بن سرحان، فقام علي بن سرحان من مجلسه بإزاء المؤيد بالله # حتى قارن خصمه فوقف بجنبه فادعى أنه غصب عليه بقرة.
  فسأله المؤيد بالله # عن صفة البقرة وقيمتها، فوصف وبين، فأنكر علي بن سرحان، فلم يكن له بينة فحلَّفَه؛ فقام المدعي وقال: ما كان غرضي بهذه الدعوى إلا ليتحقق الناس أنا في زمان إمام هدى يساوي بين الملك والبَقَّار.
  وقد كان في أيام حربه للخراسانية رفع رجل من السفهاء رأس بقرة على عود، فقال: هذا رأس أبي الحسين الهاروني، فظفر به أصحاب المؤيد بالله # فأهانوه وضربوه وجاءوا به إليه لقتله؛ فسألهم عن حاله فقالوا: فعل كذا وكذا، فقال: لا أقبل، فجاءوا بالبينة، فقال: خلوا سبيله، وقد أسأتَ فيما فعلتَ ودواك التوبة إلى الله تعالى؛ فتاب وصلح حتى كان يقصد للزيارة.
  وكان # يعود المرضى ويحضر جنائز الكبراء ويزور العباد الصالحين إلى أماكنهم في صالح أصحابه، وبلغه صلاح رجل في بعض قرى ديلمان فنفر لزيارته في جماعة من أصحابه فلقيه الرجل خارج موضعه وكان لا فراش له إلا ما نسجه من أغصان الشجر ولا يتوسد إلا آجرتين عملهما، فقال: يا مولاي ما لنا فراش ولا مكان تجلسون فيه؛ فقال #: لو كان لك فراش أو حالة لما زرناك، فالملوك كثير وأهل الحالات والأموال فلسنا نزورهم ولا نراهم أهلاً لذلك.
  وكان يسير بطريق كلار فطلب ممطراً له من بندار صاحبه، فقال: هو على بغل