[النسبة في تسمية القدرية]
  دون من نفاه تنزيهاً لربه تعالى عن الأفعال القبيحة.
  فإن قالوا: أنتم بهذا الاسم أحق فقد أثبتم القدرة لأنفسكم.
  قلنا: إن القُدْرةَ بمعزل عن القَدَر فما هذه الجهالة؟! والنسبة إلى القُدْرة: قُدْري بضم القاف(١)، وإلى القَدَر: قَدَرِي بفتح القاف، وعلى أنه لا يخلو حالنا وقد أثبتنا القُدْرة لأنفسنا من أحد أمرين:
  إما أن نكون صادقين أو كاذبين؛ فإن صدقنا لم نستحق به اسم ذم، وصار سبيلُنا سبيلَ من أثبت القدرة لله تعالى، وحكم بكونه تعالى قادراً، فكما أنه لا يستحق بذلك أن يسمى قَدَرياً ويجري عليه اسم من أسماء الذم كذلك إذا أثبتنا القدرة لأنفسنا.
(١) قال ¦ في التعليق: وأيضاً فإن الأشاعرة مشاركون لأهل العدل في إثبات قدرة العبد، وإن وقع الاختلاف في صدور الفعل عندها؛ هل هي مؤثرة على سبيل الاختيار كما هو مذهب العدلية، أم على سبيل الإيجاب كما هو قول بعض الأشاعرة، أم ليست مؤثرة وإنما هي شرط لتأثير قدرة الباري كما هو قول بعضهم ومنهم الفقيه. فإن قالوا: الأصل هنا قُدْرِيَّة بالضم والفتح إنما هو من تغيير النسبة. قلنا: المقام خطير، وقد أورد هذا القول النبي ÷ المُبَيِّن للناس على جهة الزجر والتحذير عن مقالة تلك الفرقة الضالة، فلا يسوغ العدول عن الأصل إلى خلافه لأنه يوقع في اللبس، والمقام مقام بيان لا إلباس، فلا يقع من الرسول الحكيم، على أنه قد ثبت بالأدلة القاطعة أن آل محمد ÷ هم الأمان من الضلال والغرق، وصح قولهم بالعدل، ولا زالوا من لدن علي # إلى الآن يناظرون من قال بخلافه ويجادلون، ويقيمون الأدلة العقلية والنقلية على صحته، وتواتر عنهم هذا المعنى، ولم يخالف منهم إلا من لا يؤبه له ممن تأخر زمانه ممن هو تابع لا متبوع، ولا ينكر هذا إلا معاند مكابر؛ فكيف يكونون مع هذا الحال مجوس هذه الأمة والقدرية الملعونة المحذر من مفاتحتها؛ مع قوله ÷ في العترة: «تعلموا منهم ولا تعلموهم» ومع حثه ÷ على التمسك بهم؟! هل هو إلا عين التناقض، فثبت بالضرورة أن العدلية ليسوا مرادين بالحديث، وأن القدرية من خالفهم، وإلا لصح ما قيل:
فويل لتالي القرآن في ظلم الليـ ... ـل وطوبى لعابد الوثن
والحمد لله.