[الرد على تفسير الفقيه للظلم الذي نزه الله تعالى عنه، والرد على بقية كلامه]
  والاعتماد لا يولد الأجسام، وإلا كان يجب ممن يعتمد في جسم مربوط أن يملأه أجساماً كالزق ونحوه، ولأن الأجسام لا توجد بحسب قصد العبد وداعيه بل قد يريد وجودها فيتعذر، ويكره وجودها فتوجد، وغير ذلك من الأدلة.
  القسم الثاني: فيما يحدثه الله تعالى من الأعراض الخارجة عن مقدور العباد، ومن جملتها أصول النعم التي يستحق بها سبحانه وتعالى الشكر والعبادة، كالحياة والقدرة والشهوة والنفرة والألوان والروائح والطعوم والحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة وما جانسها من الموت والفناء؛ فهذا النوع مما تفرد الله تعالى بخلقه أيضاً وإحداثه.
  ودليله: ما قدمنا في خلق الأجسام واختصاصه تعالى بفعلها أو أكثر ذلك، فلا حاجة لإعادته، ولأنه قد ثبت حدوث جميع هذه الأعراض التي ذكرناها؛ لأنه يجوز عليها العدم، فلو كانت قديمة لما جاز عليها العدم والمحدَث لا بد له من محدِث، وقد بطل أن يكون من فعل القادرين من العباد فلم يبق إلا أن يكون فاعلها الله تعالى.
  القسم الثالث: ما يدخل جنسه تحت مقدور العباد، فإنه يستدل به على الله تعالى متى وقع ذلك على وجه لا يمكنه إيقاعه على ذلك الوجه، نحو العلوم التي تحصل من دون نظر وهي المسماة الضرورية، نحو علوم العقل وما يتفرع عليها، ونحو الآلام الخارجة عن المعتاد الحاصلة بغير سبب ولا اعتماد من العبيد، ونحو الحركات الحاصلة بغير سبب ولا اعتماد من العبيد، ونحو الحركات الحاصلة بغير اختيار من وجدت فيه، كحركة المرتعش والنافض والمفلوج وسِوى ذلك؛ فإنها غير حاصلة باختيار من حَلَّتْه، ولا قدرة لغيره بأن يفعل فيه مدافعة لغير سبب.
  والجامع للأنواع كلها أنه تعالى يخترع أفعاله جميعها؛ لأنه لا يفعلها فيه ولا بسبب فيه، وهذا هو معنى الاختراع، وبهذا باين سبحانه جميع القادرين من