كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[كلام فقيه الخارقة حول السنة والجماعة والجبرية وبقية المفاهيم والرد عليه]

صفحة 29 - الجزء 2

[كلام فقيه الخارقة حول السنة والجماعة والجبرية وبقية المفاهيم والرد عليه]

  وكذلك ما ذكر بعد ذلك من قوله: «عصم أهل السنة والجماعة باتباع المنقول عن التهور في اختلاف المعقول بفضله ورحمته، فاعتقدوا أن للعبد قدرة واختياراً وحركة في أفعاله لا اضطراراً، غير أن مشيئته وإرادته منوطة بمشيئة الله وإرادته، وأضل الفرقة الجبرية فسوت في اعتقادها بين أهل طاعته ومعصيته، وزعمت أن المطيع والعاصي سيان في نيل رحمة الله والخلود في جنته، وأن الإنسان لا قدرة له ولا اختيار، بل جميع حركاته حركات اضطرار وأن جميع الأفعال الصادرة عنه فعل الله ø وأنه لا فعل له في سكونه وحركته، وخذل القدرية فاعتقدوا أنهم مشاركو الله في مملكته، ومساهموه في جبروته وعزته، بل زادوا على ذلك أنهم يقدرون على ما لا يقدر قهراً وتعجيزاً لإلهيته وقدرته، ويطيعونه ويعصونه جبراً، ويدخلون أنفسهم بأعمالهم الجنة قسراً، وأنهم يملكون لأنفسهم نفعاً وضراً، وأنه لا يستطيع أن ينيل عباده في الآخرة عفواً ولا غفراً، وأن ما شاءوا من الحسنات والسيئات كان، وما شاء الله لم يكن، وهذا هو الكفر بعينه، وإن أظهر القدريُّ نسكاً في سيرته وتخشعاً في طريقته، تمدح الله أنه أحسن الخالقين وعلى أصولهم هم أحسن خلقاً منه؛ لأنهم يخلقون الطاعة والإيمان، وذلك أحسن من خلق الأجسام، تعالى الله عن تكذيب القدري وزندقته، شهد النبي ÷ بأنهم مجوس هذه الأمة، ولا شهادة لأحد من البشر أزكى من شهادته، بل زادوا على المجوس؛ لأن المجوس زعمت أن الخير والشر من خالِقَيْن، وهؤلاء يعتقدون أن الخير والشر من خَالِقِينَ كثيرين لا يُحْصَوْنَ، فهل هذا إلا أعظم من اعتقاد المجوسي في مجوسيته، فنحمد الله تعالى على الأيادي السوابغ التي جللنا بها من نعمته، ومننه البوالغ التي سربلنا بها من جزيل عطيته، وعصمنا باتباع الرسول عن الزيغ والوقوع في جحوده ومخالفته،