كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[كلام فقيه الخارقة حول السنة والجماعة والجبرية وبقية المفاهيم والرد عليه]

صفحة 32 - الجزء 2

  وأما قوله: «فأضل الفرقة الجبرية، فسوت في اعتقادها بين أهل طاعته ومعصيته، فزعمت أن المطيع والعاصي سيان في نيل رحمة الله والخلود في جنته».

  فالكلام عليه: أنه إن أراد بقوله: وأضل الفرقة الجبرية بأن حكم عليها بما فعلت وسماها به لِيُعْلِمَ بذلك ملائكته $، فيحلون من فعل فعلاً محله، ويجري عليهم من أحكام الشرع ما يجب - فذلك قول صحيح.

  وإن أراد أن الله تعالى أغواهم عن طريق الصواب، وصرفهم عن طريق الخير فصاروا بصرفه لهم إلى التباب، بغير جناية متقدمة - فذلك ظلم بلا مرية، وكيف يقول ذلك وهو يزعم أنه مباين لهم، وهل القول والاعتقاد من الجميع إلا هكذا؟ فليتدبر ما سَطَّر.

  وأما قوله: «وزعمت أن المطيع والعاصي سيان في نيل رحمة الله والخلود في جنته».

  فالكلام عليه: أنه إن أراد أن المطيع الذي يفعل باختياره ما أراده الله من الأفعال وأمر به يستحق الثواب على ما فعله، وأن العاصي بفعل ما نهاه الله تعالى وكرهه من الأفعال يستحق العقاب على فعله - فهو كلام صحيح، وهو رجوع عن المذهب الأول الباطل إلى الحق المبين، فإن المطيع من فَعَلَ ما أراده المُطَاع وأمر به، والعاصي من يفعل ما كرهه المعصي ونهى عنه.

  وإن أراد بهذا الكلام أن الله تعالى هو الخالق لجميع الأفعال الحسن منها والقبيح؛ فكيف يتصور الفرق بينه وبين هذه الفرقة التي سماها ضالة ولم تقل إلا بما قاله ولا انتحلت إلا مذهبه؟!

  وأما قوله: «والخلود في جنته».

  فالكلام عليه: أنه إن أنكر على هذا القائل الخلود في الجنان بغير استحقاق مع أنه مكلف فهو قول صحيح.

  وإن قال: أن أحداً لا يستحق ثواباً على طاعة، ولا عقاباً على معصية، بل