[ذكر فقيه الخارقة للشهادتين والصلاة على النبي وآله وما يصح من ذلك]
  الله موافقين لله سبحانه في مراده؛ إذ أرادا ما أراده الله تعالى من الكفر الواقع من فرعون وادعاء الربوبية لنفسه.
  ويلزم على هذا أن يكون اتباع فرعون لإبليس وهامان لعنهما الله تعالى أولى من اتباع موسى وهارون @، وهذا هو الزيغ الشديد، والضلال البعيد؛ لأن حجة أنبياء الله تبطل حيث يقول لهما فرعون: كيف يجوز لكما أن تدعواني إلى ما يكرهه الله تعالى؛ لأنه لو أراد مني الإيمان لكان، ولو كره ما وقع مني من ادعاء الربوبية لما وقع تعالى الله عما يقول المبطلون علواً كبيراً.
  وكيف يبقى لقوله [أي الفقيه]: «أرسله الله ø لإقامة حجته وإظهار كلمته»، معنى يتحصل مع هذا الاعتقاد، وهو أنه تعالى لا يريد إلا الواقع وإن خلاف الواقع ليس بمراد الله سبحانه.
  وأما قوله: «وينجز له في اليوم الموعود سابق وعده بشفاعته».
  فالجواب: أنه إن أراد بذلك زيادة الثواب لأهل الجنة على حد شفاعة الملائكة $ في قوله تعالى: {رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} ... الآيات [غافر: ٨] - فذلك قول صحيح وموافق لقوله تعالى: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ}[غافر: ٥١]، وقوله تعالى: {وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ}[البقرة: ٢٧٠].
  وإن أراد أن الشفاعة تكون للمصرين العاصين الذين ماتوا أعداء لله تعالى ولرسوله وللمؤمنين - فذلك باطل لقوله تعالى: {وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ}، وفي الشفاعة لهم أعظم نصرة، وقد قال تعالى: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ}[الأنبياء: ٢٨]، وقال تعالى: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ}[غافر: ١٨]، فعم تعالى كل ظالم بهذا النفي، والفاسق يدخل في ذلك كالكافر ووصفه بذلك صحيح بالإجماع.