[كلام فقيه الخارقة في فضائل الصحابة وتقديمهم على أهل البيت والرد على ذلك]
  ولولا ذلك لم يقدر أحد على دفعه عن حقه، ولا على مقاومة شدته وسطوته؛ فالحق مع علي حيث دار، وهو معترف بفضل ثاني اثنين إذ هما في الغار، ولو علم أن الحق له لما ضيع أمر النبي المختار، فهذا قول المحقق النظار، لا من ينسبه إلى العجز والذل والمداهنة من المنافقين الفجار، وهل المآثر إلا ما يتعاطاه، والمآثم إلا ما يتخطَّاه؛ فليدع كل بدعي ركوب هواه، ويعرف شيخ الافتخار ومعدن الوقار، فهو أسلم له وأقسط لطريقته.
  وعلى الفاروق أبي حفص عمر، الذي فرق بين الحق والباطل، وفَرِقَ الشيطان من بأسه وشدته، ونشر عدله في المشارق والمغارب وعم الخلائق ببذله وعطيته، وفتح البلاد وأرشد العباد وهدى، فتح العراق ببعض جنوده وسيرته، فهو السعيد في عمره، والشهيد في منيته، وهو خِدْنه في حياته، وصاحبه في حفرته، أثنى عليه النبي ÷ ثناء حسناً وأخبر أنه سراج الأنبياء في جنته.
  وعلى عثمان ذي النورين الذي انسل على ابنتي النبي نكاحه وولايته، وسبَّل بير رومة، وتصدق في المحل بوقر مائة ناقة مخطومة، وجهز جيش عسرته، وكف عن القتال لما بشره النبي ÷ في منامه بإفطاره وشهادته، وكان في عمره طويل الهجود، كثير السجود، تالياً لكلمات الله وخاتمه في ركعته.
  وعلي بن أبي طالب أخي رسول الله ÷ وزوج البتول، الذي فاز بقرابته، وعقد إخائه وصهريته، أخبر النبي ÷ أنه مدينة العلم وأن علياً باب مدينته، وقال: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى» لما قدح المنافقون في تخلفه عنه في غزوة تبوك وقعدته، وقال: «من كنت مولاه فعلي مولاه» لما نازعه أسامة ولم يعترف أن علياً مولاه، وأشاد ذلك في جميع حضرته، وقال: «اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأدر الحق معه حيث دار»، وقد علمنا استجابة دعوته فمن أجل هذا قلت لك: إنه لو قام في زمن أبي بكر وعلم أن الحق له ودعا إلى نفسه لما وسع أحداً التأخر عن دعوته.
  جعل النبي ÷ محبته علامة الإيمان، وبغضه أمارة النفاق، وأخبر أن