كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الرد على دعوى الفقيه أن عدم محاربة علي (ع) لأبي بكر دليل على صحة إمامته]

صفحة 80 - الجزء 2

  أتونا بشهران العريضة عن يد ... وأكْلَبها ميلاد بكر بن وائلِ

  وخثعمُ حيٌّ يعدلون بمدحج ... وهل نحن إلا مثل إحدى القبائل

[الرد على دعوى الفقيه أن عدم محاربة علي (ع) لأبي بكر دليل على صحة إمامته]

  وأما قوله: «بل كيف يليق بمنصبه وجلال قدره إهمال ما استرعاه الله والصبر على إهمال أحكام الله أو يسعه كتمان علم الله من دينه وشريعته، وقد قام في وقته وشمر، ولم يفرح بمن تقدم ولا بالى بمن عنه تأخر».

  فالجواب عن ذلك: أن الإهمال إنما يكون مع القدرة على ضبط الرعية والمال ومع تعذر ذلك لا يكون إهمالاً عند أهل المعرفة؛ لأنه لا يقال فيمن مُنِع أنه أهمل.

  وأما الكتمان فمعاذ الله أن يكون كتم شيئاً من دين الله بل أوضح وبين، وحقق وعين، في مقام بعد مقام، وقيام بعد قيام.

  وأما قوله: «قد قام في وقته وشمر» فلا شك في ذلك، وهو الوقت الذي أمكنه فيه القيام لوجود الأعوان، ورسوخ قواعد الإيمان، وأما تركه لمن تقدم وقتاله لمن تأخر فذلك حاله في وقت غلبة الظن على الاستقلال بالأمر.

  وأما قوله: «ولا إقامة من تقدم، ولا ضيَّق ذرعَه مُحْجِم، حتى قتل فيما بينه وبين معاوية سبعون ألف مسلم» وهذا كله دليل على ما ذكرنا وذلك معلوم، من أصحاب معاوية خمسة وأربعون ألفاً، ومن أصحابه خمسة وعشرون ألفاً، ولهذا قلنا لما وجد الأعوان هلك خمسة وعشرون ألفاً وبقي من يقهر به عدوه فلذلك قام.

  وقوله: «لما علم أن قيامه واجب» مُسَلَّمٌ، وعندنا أنه لا يجب إلا عند وجود الأعوان، وإن كان حقه ثابتاً قبل ذلك الأوان، ومن أهمل الواجب عصى الله سبحانه، وإن كان عند الفقيه المُهْمِلُ اللهُ ø؛ لأنه لم يخلق قدرة الفعل الموجبة له، فلو كان ذلك حصل الفعل لا محالة فعلى من الذنب والحال هذه،