كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الرد على دعوى الفقيه أن عدم محاربة علي (ع) لأبي بكر دليل على صحة إمامته]

صفحة 81 - الجزء 2

  وإن كان عقلك غير حقيق بالتنبيه؛ لأن وجدانه كعدمه في أنه لا ينتفع به ولا يعلم به وجوب واجب ولا قبح قبيح.

  وأما قوله: «وتاركاً⁣(⁣١) لأمر رسول الله ÷» فالجواب: أنه أمضى أمر رسول الله ÷ ولم يتركه؛ لأنه أخبره أن الحق له بعد وفاته بلا فصل، وأمره بالقيام بأمره عند وجود الأعوان، ولم يجدهم في الوقت الذي ذكرنا، فعلى من الجرم أعليهم أم عليه؟!

  وأما قوله: «لم يكن في زمن أبي بكر عاجزاً ولا خلافة النبوءة لأجل الدنيا فيزهد في ذلك» فالجواب: أما العجز في أيام أبي بكر فقد بيناه، ولا عار على المؤمن في ذلك؛ لأن الفراعنة قد قهرت الأنبياء، والظلمة قد قهرت الأئمة، والدعي قد قهر ابن النبي ÷ حسين بن علي À وعجز عن مقاومته، وكذلك الحسن بن علي # عجز عن محاربة معاوية حتى اضطر إلى التخلي من الأمر، فلم ينتقص عند الله بذلك، وأما الزهد فلم يترك الأمر زهداً فيه بل عدم الأعوان عليه.

  وأما قوله: «إنه ترك الأمر لعلمه أن أبا بكر أحق منه بالأمر» فذلك باطل لما قدمنا.

  قوله: «ولولا ذلك لما قدر أحد على دفعه عن حقه» فالقدرة قد وقعت والوقوع فرع على الصِحة وقد دفعه معاوية عن حقه، وأين له مثل رتبة أبي بكر في الإسلام وإطاعة أهله؟!

  وقوله: «ولا على مقاومة شدته وسطوته» فإنما ذلك لو كان الأمر بينه وبين أبي بكر على انفرادهما لراج استقامتهم للغالب، وهو علي بن أبي طالب، إلا أن تأخذك الحمية المعتادة فتقول: كان أبو بكر يغلبه بنفسه؛ لأنك لتناهيك في


(١) معطوف على خبر كان وهو قوله الفقيه [وأنه إن أهمل ذلك كان عاصياً وتاركاً ... إلخ].