[الرد على دعوى أن نسبة الأفعال إلى العباد تؤدي إلى مماثلتهم لله - وغير ذلك]
  في الوجود سوى ذاته تعالى لم يكن عندهم عالماً ولا قادراً على شيء ولا حياً ولا سميعاً ولا بصيراً، ثم اتفقوا أنها توصف بأنها أزلية، واختلفوا في وصفها بأنها قديمة؛ فامتنعت الكلابية من ذلك، وأجازه غيرهم.
  واختلفوا أيضاً في أنها غير الله أم لا؟ فأجازت ذلك الكرامية، وامتنع غيرها من إطلاق الغيرية عليها، وقالوا: لاهي الله، ولا هي غير الله، ولا هي بعضه تعالى عن التبعيض، وهم الأشعرية ومن طابقهم؛ فمن أثبت مع الله أشياء موجودة في الأزل وهو: العلم، والقدرة، والحياة، والإرادة، والكراهة، والكلام، والسمع، والبصر؛ فقد جعلها معه على حد واحد في الوجود؛ فتنتقض الوحدانية من الابتداء والانتهاء؛ فكيف يقول: إنه لا يعرف التثمين؟! لولا قلة الخبرة بمذهبه، أو مذاهب سائر المجبرة القدرية، وجهالته بالمذهب والقائل به من أهل الإسلام لا يمنعنا عن الاشتغال بالكلام عليه في نقض أو إبرام، وقد كفانا في هذه المسألة مؤنة نفسه لجهالته لهذه المقالة سوى كانت مذهبه أو مذهب غيره؛ فلنعرض عنها في الحال إلى غيرها.
[الرد على دعوى أن نسبة الأفعال إلى العباد تؤدي إلى مماثلتهم لله - وغير ذلك]
  وأما إعادة ما ذكر من مسألة الأفعال وادعاء المماثلة لله تعالى عند من أثبت العبد
= من حيث معلوميته، وقادر تعلق الذات بالمقدور من حيث كونه مقدور ... إلخ، فالتعدد حقيقة في الأشياء المتعلق بها الصفات لا في الصفات.
فإن قيل: قد رجع هذا الأخير إلى قول أبي الحسين من أنها أمور اعتبارية، وهي نفس التعلق، قيل: مراد أهل البيت أنها هي الذات من حيث تعلقها، وأبو الحسين يجعلها نفس التعلق، وهو غير المتعلِّق وغير المتعلَّق، والتعلق إن لوحظ من حيث الوجود لم يُرَ شيء غيرهما وإن لوحظ من حيث المعقول فهو غيرهما، ولذا وصفوه بأنه أمر اعتباري.
تاسعها: أن الصفات عبارة عما لا يعلم كنهه، وهذا لزين العابدين ومن معه، وقواه الحسن الجلال.
قلت: ولا مخالفة بين هذا وبين الذي قبله إذ قول أهل البيت بأنها هي الذات آل إلى أنها عبارة عما لا يعلم كنهه، فإن الذات لا يعلم كنهها، تمت والله أعلم، والحمد لله.