[الإرادة الاختيارية والإجبارية]
  وأما قوله: «وأنه عاجز عن ذلك».
  فالجواب: مثل ما قدمنا من أن أفعاله تعالى لا يصح عجزه عنها؛ فإذا أراد أفعال العباد ففيه وجهان:
  أحدهما: رجوع عن قوله: «ونرجع على أنفسنا باللوم والتعيير» لأن لومنا على ما يفعله تعالى لا يحسن كما قلنا في الألوان والصور وأمثالها.
  والثاني: أن التعجيز لا يتصور حقيقة إلا فيما هو مقدور للقادر، ويمنع منه على حد لو زال المانع وحالته على ما كانت وأراد وجوده لفعله، وقد بينا أن مقدوراً بين قادرين لا يصح؛ فبطل ما توهمه على كل وجه، والحمد لله.
  وأما قوله: «وإنا نفعل ما نشاء على طريق المغالبة والقهر له والممانعة عن إرادته».
  فالجواب: أن هذه الحكاية عن أهل العدل لا أصل لها، فليتدبر ما قال، وإن رام حكايتها على وجه الإلزام فهو غير لازم؛ لأن العبد وإن قدر على أفعاله فهو لا يقدر عليها إلا بما يخلقه الله تعالى من القدرة، وإن لم تكن القدرة عندنا موجبة للفعل، ويتفاضل القادرون بحسب زيادة القُدَر وقلتها، والله سبحانه وتعالى قادر لذاته لا يغلبه غالب؛ لأنه قادر على ما لا نهاية له، ومقدور العباد محصور بحسب قُدَرِهم في الجنس والوقت والعدد والمحل، فأين أحد الأمرين من الآخر لولا قلة التأمل والتحصيل؟!
[الإرادة الاختيارية والإجبارية]
  وأما قوله: «والممانعة عن إرادته».
  فالجواب: أنه إن أراد في باب الإحداث فقد قدمنا الفرق بين القادر لذاته والقادر بقدرة.
  وإن أراد مسألة الإرادة وأن الله تعالى يريد الواقع من أفعال العباد الغي منها والرشاد، وأن العبد لا يقدر على غير ما يقع منه - فالجواب: ما تقدم من أن هذا