[افتراء الفقيه على أهل العدل بأن الله عندهم ليس عفو ولا غفور، وغير ذلك والرد عليه]
  تعذيبهم؛ لأنه تعالى لا يشفي غيظاً بذلك؛ لكان يجيب عن ذلك بأن القرآن الكريم صرح بوعيد الكفار، وعلم من دين النبي المختار ÷.
  كذلك نقول في الفاسق: إن العقل كان يجوز العفو ويجوز الاستيفاء إلا أن السمع الصادق ورد بوقوع أحد الجائزين لا محالة، فما في هذا من شناعة أو شفاعة لولا محبة التهويل، بما ليس عليه تعويل، ولا له عليه حجة ولا دليل.
  وأما ذكره للصغائر، والمراد بالصغيرة هي المعصية التي يكون عقاب فاعلها في كل وقت أقل مما يستحقه من الثواب على سائر طاعاته في كل وقت فيسقط الأقل بالأكثر، قال تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ٧ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ٨}[الزلزلة]، فلو لم تقع المساقطة على هذا الحد لم تمنعه الآية، وقد قال تعالى: {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ ..} الآية [الأعراف: ٨]، ولا شك أن ذلك فيه معنى الكبائر والصغائر فليتدبر ما ذكرنا ففيه غنى عن الاشتغال بالوقاحة والسفاهة والأذية التي ليست من أخلاق أهل الدين.
  هذا، وليس لذلك سبب يقتضيه بل أريناه أن ما يلزمنا من ذلك فهو يلزمه على ما يرتضيه إن كان ممن يمتثل أوامر القرآن ويصدق بأخباره.
  فأما إن أصر على إضافة القبائح إلى الله تعالى، وأنه يجوز منه سبحانه الخلف والكذب والتلبيس وتعمية المراد، وإثابة الكفار والأباليس بثواب الملائكة والأنبياء $، وعقاب الملائكة والأنبياء وسائر الصالحين بعقاب الأباليس وسائر الشياطين والمردة والفراعنة - كنا ننقل الكلام معه إلى ما قدمنا من أن فعل العبد لا يجوز أن يكون منه تعالى حسناً كان أو قبيحاً، ونعيد معه الكلام في أن الله تعالى لا يجوز أن يفعل شيئاً من القبائح على ما قدمنا ذلك مكرراً.
  وأما تهويله بعذاب المستحقين بأبد الآباد؛ فالجواب عنه: متى صح ما ذكرنا فيما تقدم من دلالة العقل والسمع على استحقاق العقاب على المعصية الكبيرة سواء كانت كفراً أو فسقاً بما به يستحق الذم؛ فلا شك أن الذم يستحق