[المعاصي التي تغفر بالتوبة]
  تعالى الله عن ذلك كله.
  وإن أراد بنفي الجواز أن حكمة الله تعالى تمنع من تعذيب من زادت حسناته على سيئاته؛ فالعدل يقتضي ذلك فما هذا التهويل فيما ليس عليه تعويل.
[المعاصي التي تغفر بالتوبة]
  وأما قوله: «فأخبرني أين الذنب الذي يغفره الله على أصلك وأين الجرم الذي يكفره؟! فهذا صفوة مذهبك وحاصل معتقدك».
  فالجواب: أنه إن أراد الاستفهام عما يغفر بالتوبة عنه والإقلاع فالجواب: أنها جميع المعاصي كفرها وفسقها، صغيرها وكبيرها، وإنما قلنا ذلك لأن التوبة مسقطة للعقاب بنفسها لا بثوابها؛ فإما أن تكفر الجميع كما قلنا، وإما أن لا تكفر شيئاً، والعدل يمنع من ذلك؛ لما سبق من أن التوبة جارية مجرى الاعتذار من الإساءة ولا شك أن من اعتذر اعتذاراً صادقاً وجب قبول عذره، ولهذا قيل:
  إذا اعتذر الجاني محا العذر ذنبه ... وكان الذي لا يقبل العذر جانياً
  وإما أن تختص التوبة بإسقاط بعض العقوبات دون بعض من غير مخصص؛ فذلك لا يصح.
  وأما أن التوبة تسقط العقاب بنفسها دون ثوابها، فلأنها لو أسقطت العقاب بثوابها لكان التائب من المعصية أعظم ثواباً من النبي ÷ على ما في ذلك من الكلام الذي تمجه أذنه ولا يسعه ذهنه(١).
(١) قال ¥ في التعليق: الذي رواه ابن أبي الحديد عن النبي ÷ وفيه: «ويبقى له فضل يدخل به الجنَّة» يفيد أن إسقاط العقاب يكون بثواب التوبة لا بنفسها، وإلاَّ لم يكن وجه لذكر الفضل ظاهر، فليبحث عنه، وقد نبهنا عليه هناك في المجلد الرابع من نسخة الكاتب غفر الله له.
وقد رواه الإمام أبو طالب بسنده إلى أنس قال: قيل يا رسول الله الرجل يكون حسن العقل كثير الذنوب؟ قال: «ما من آدمي إلاَّ وله خطايا وذنوب يقترفها، فمن كان سجيته العقل وعزيمته اليقين لم تضره ذنوب»، قيل: وكيف ذلك يا رسول الله؟ قال: «لأنه كلما أخطأ لم يلبث أن يتدارك بتوبة وندامة فيمحو ذلك ذنوبه ويبقى له فضل يدخل به الجنَّة». تمت من (الأمالي).
=