[الكلام في الإرجاء]
  السلف الصالح، وخرجت عن مذهبك، وعدت إلى الحق، والرجوع إلى الحق أولى من التمادي في الباطل».
  فالجواب: أن قوله هذا تكذيب لكتاب الله، ولأدلة العقول كما قدمنا جميع ذلك، فكيف يقول: إن ذلك تصديق للكتاب.
  وقوله: «وإلى ما كان عليه السلف الصالح».
  فالجواب: أنه افترى على السلف الصالح اعتقاد مذهبه من الإرجاء، ومخالفة ما أخبر الله تعالى أنه يفعله على القطع والبتات؛ فإن صح له من أحد السلف أنه قال بشيء من ذلك كان يلزمه أن يعينه ويذكر ما قاله ليقع النظر في ذلك؛ فقد يظن أن السلف يقولون بما ذهب إليه للفظ يحكى عنهم، وهو يحتمل المعنى الصحيح، ولا عجب فقد ادعى هذا على كتاب الله تعالى مع ما حكيناه من الصريح القاطع على وقوع المستحق من الجزاء، فكيف بدعواه على السلف؟!
  وأما قوله: «خرجت من مذهبك وعدت إلى الحق».
  فالجواب: أنا قد بينا ما الواجب من الاعتقاد في هذه الأمور، وميزنا له الحق من الباطل، وعلى أن قوله: «رجعت، وخرجت، وفعلت» ينقض مذهبه، وكيف يحسن دعاءُه لمن خالف مذهبه إلى مذهبه مع بقائه على مذهبه؟! إذ الفعل عنده في ذلك لغيره موقوفاً على إرادة سواه.
  وأما قوله: «والرجوع إلى الحق أولى من التمادي في الباطل».
  فالجواب: أنه إن صدق في الرجوع إلى الحق كان الواجب عليه استماع الأدلة، وأن يعتقد ما قام دليله ويجتنب ما صح فساده، وقد قال ÷ فيما ظهر: «لعن الله الآمرين بالمعروف التاركين له، والناهين عن المنكر الفاعلين له» وغالب الظن أن الفقيه لا ينكر ذلك، فليعمل بما يخلصه عند الله ø.