[الرد على اعتراض فقيه الخارقة على صحة الافتقار إلى رحمة الله]
  المتولي لذلك كله كما قدمنا؛ لأنه تعالى يفعل عن حكمة بالغة، ولا سهو ولا غلط، ولا استدراج إلى عذاب ولا غرض يعود إليه سبحانه نفعه، أو يدفع بذلك عن نفسه ضرراً.
  وأما قوله: «وأنه على أصله غير مفتقر إلى رحمة الله تعالى؛ لأن دخول الجنة والنار عنده إنما هو بالأعمال، والأعمال عنده داخلة تحت قدرة الآدمي ولا قدرة لله تعالى عليها».
  فالجواب عليه: أنا قد بينا افتقارنا إلى ربنا سبحانه على الوجوه الصحيحة اللائقة بالعدل والحكمة على ما دلت عليه الأدلة، دون ما يرومه أهل الأماني والضلال من إهمال العباد وترك إصلاحهم بزواجر الوعيد، ولكنه على خلاف ما ورد في الكتاب المجيد من إنزال ما يستحق بهم، ومن التأبيد والتخليد؛ فليتدبر ما ذكرنا ففي ذلك ذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
  وحاجتنا إلى الباري تعالى أشد حاجة؛ لأن الحاجة هي الدواعي التي حملتنا إلى جلب النفع ودفع الضرر، ولا نفع أعظم من الجنة، فلنا إليها أشد الحاجة، ولا ندخلها إلا بإدخال الباري تعالى لنا، وإن كان دخول المكلفين مستحقاً كما قال تعالى: {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى ٣١}[النجم]، وليس من يفعل ما يجب ترتفع الحاجة عنه؛ لأن الأئمة العادلين الحاجة إليهم شديدة، وهم لا يفعلون إلا الواجب، فقد منعه الجهل عن تعرف الصواب في الإلزام والالتزام، ولا يستقيم على مذهبه الفاسد إلزام؛ لأنه يأمر خصمه بالرجوع إلى مذهبه، وعنده أن ذلك لا يمكنه وينهاه عما ذهب إليه وعنده أنه لا يمكنه وينهاه عما ذهب إليه وعنده أنه لا يمكنه النزوع عنه؛ فهو في تخليط لا تتأدى معه فائدة.