كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[استحقاق دخول الجنة والنار بالأعمال]

صفحة 145 - الجزء 2

[استحقاق دخول الجنة والنار بالأعمال]

  وأما قوله: «لأن دخول الجنة والنار عنده إنما هو بالأعمال، والأعمال عنده داخلة تحت قدرة الآدمي».

  فالجواب عنه: أن دخول الجنة إن أراد به نفس الدخول، فلا شك أنه فعلهم؛ لأنه حركات أقدامهم، وإن أراد استحقاق الدخول، فقد أجاب نفسه بأن الدخول مستحق، والاستحقاق إنما يثبت في الآخرة على الأعمال.

  وإن أراد أنهم يدخلون غير مستحقين لما وصل إليهم من النعم الواصلة على سبيل التعظيم والإجلال، فقد بينا فيما تقدم أن ذلك يخالف العقول؛ لأن تعظيم من لا يستحق التعظيم قبيح، ولهذه العلة قبح السجود للأصنام والأوثان؛ لأنه تعظيم من لا يستحق التعظيم، وعلى أن ذلك لا يسمى دخولاً، وكذلك الكلام في دخول النار أيضاً⁣(⁣١).

  ويخالف السمع بقوله تعالى: {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا}⁣[الأنعام: ١٣٢]، وآيات الجزاء كثيرة نذكرها هاهنا إن أراد نفس الدخول فهو فعلهم ما لم تدفعهم الزبانية وتَدُعَّهم في النار نعوذ بالله منها.

  فإن أراد الاستحقاق فهو لا يسمى دخولاً على الحقيقة، وإن أراد استحقاق الدخول والتعذيب فقد بينا أن ذلك واقع بهم على سبيل الاستخفاف والإهانة على ما تقدم من إقدامهم على الكبائر من كفر وفسق وتركهم للواجبات.

  وبينا أنه تعالى لو ابتدأهم بضرر النار - لا لأنهم استحقوا ذلك ولا لهم في ذلك عائد يجبره من نفع يوفي عليه أو دفع ضرر عنهم - أنه يكون ظلماً.

  وبينا أن الظلم قبيح، وأن قبحه لكونه ظلماً فمن فعله كان ظالماً، والله سبحانه


(١) قال ¥ في التعليق: أي حقيقة فإنه قد أُطلق على نحو الأسباب للدخول دخول كما قال ÷ فيمن أذَّن فقال: «أشهد أن لا إله إلاَّ الله ... إلخ، أمَّا هذا فدخل الجنَّة». ويأتي للإمام وقد ذكر هذا في دخول النار أنه لا يسمى دخولاً على الحقيقة. تمت.