[بحث في الشفاعة والمراد بالسنة والجماعة]
  الموحدين من النار بعد دخولها أم هو غيرها؟ فإن كانت الشفاعة على ما ذكروا دخلت فيما أنكرت، وإن كان غير ذلك فبين لي ما المراد؟ واستدل عليه».
  فالجواب: أن المراد بالسابق من العدة قوله تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ٧٩}[الإسراء]، هو مقام الشفاعة والحوض الذي لم يجعله الله لنبي قبله ولا لأحد سواه، وهذه مقالتنا ومقالة آبائنا الأئمة الكرام عليهم أفضل الصلاة والسلام، ومقالة أشياعنا ومن شاركهم من علماء الإسلام، وعسى(١) من الله إيجاب وليس للترجي؛ لأنه سبحانه عالم بالعواقب ولا يغلبه غالب، ولا يفوته هارب.
  وأما قوله في الشفاعة، قال: «مما نقله أهل السنة والجماعة من طريق النقل الصحيح، وأنها إخراج قوم موحدين من النار بعد دخولها، أم هو غيرها؟».
  فالجواب: أن قوله: مما نقله أهل السنة والجماعة؛ فقد بينا فيما تقدم أن سنته على ذلك سنة معاوية اللعين في الإعلان بسب أمير المؤمنين أبينا علي ~ فإن جماعته التي هو أحق بالاعتزاء إليهم هم الذين كانوا مع معاوية حين هادنه أبونا الحسن بن علي @ فسمي عام الجماعة.
  وأما سنة محمد ÷ وجماعة المسلمين الذين هم أصحابه وأصهاره وأخدانه وأنصاره المتبعون لدينه فليس عنده من مذاهبهم ما رامه، ولو كان من ذلك شيء لعينه وبينه، وحكى طريقته ومتنه؛ ليقع الحديث موقعه ويقع التتبع لألفاظه ليحصل الإجماع على ما يصح من ذلك، ويطرح الخلاف.
  وهيهات! وكيف تقوم دلالة على إجماع من المسلمين على صريح كلام رب العالمين، وقد قدمنا من ذكر ذلك طرفاً، ولا بد إن شاء الله من إعادة ما تجب إعادته من ذلك عند الحاجة إليه؛ إذ الغرض منا تتبع ألفاظه على آحادها وفيها التكرار المسئم؛ فأحوج ذلك إلى تكرير الكلام ليتطابق السؤال والجواب.
(١) في قوله تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ٧٩}[الإسراء].