[شبهة الفقيه في نفي إمامة الوصي (ع)]
  ولا ردهم بالغلبة إلى الطاعة، ولا يجوز وصفهم بتضييع أمر الله، وكذلك لم يمكنهم التصرف في أتباعهم عند إجماع أكثرهم على الضلالة كما فعل أصحاب موسى مع هارون #، فلم يوصف بأنه ضيع أمر الله.
  وقد قدمنا ما منعه # من القيام بالأمر في وقت الثلاثة إلى أن تمكن # من القيام فلم يتلعثم عن القيام على الناكثين والقاسطين والمارقين.
  وقد بينا أيضاً أنه لا عار عليه # في ذلك ولا نقص في دينه ولا مروءته؛ لما ذكرنا أن الفراعنة قد قهرت الأنبياء، والظلمة قد غلبت الأئمة، وبينا له من ذلك طرفاً يمكن إيراده هاهنا.
  وأما قوله: «وإن اعتذرت أنه عجز ولم يقدر كان النبي ÷ قد أمره بما لا يقدر عليه».
  فالجواب: أن مثل هذا لا يكون تكليفاً بما لا يقدر عليه؛ لأن القدرة التي هي الاستطاعة حاصلة له، لكن خشية مضرة العدو منعت من إظهار الكلمة ومباينتهم، وطريق ذلك طريق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أنها تعتبر الشرائط الخمسة، ويجب ترتيب الأمر والنهي على المراتب الأربع على ما يقتضيه العلم عند أهله، وهو في كتب الأصول، وقد أودعنا كتابنا الموسوم بـ (الرسالة الناصحة(١)) ما يثلج قلب الطالب، ويشفي غليل الراغب، ولو أطل على ذلك الفقيه لعلم أن إيراده غير متوجه لكنه بنى كلامه على ما سمح به الخاطر دون تقديم النظر في الأدلة، والاحتراز عما يلزم على كلامه.
  وأما قضاء الديون والودائع؛ فكل ذلك قد وقعت به الوصاة ولم نقصد الاستدلال على الإمامة بذلك.
(١) الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة في جزئين، وهي شرح لأرجوزة الإمام # في أصول الدين أولها: (الحمد للمهيمن المنان) في الأصول. والجزء الثاني شرح أرجوزته: (حمداً لمن أيدنا بعصمته) في فضل أهل البيت، وهي مطبوعة من إصدارات مركز أهل البيت (ع).