كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[بحث في معنى قوله تعالى: {لقد رضي الله عن المؤمنين}]

صفحة 168 - الجزء 2

  إغراء لمن ليس بمعصوم بأن ينهمك في اللذات، ويهون على نفسه من مشقة أداء الصلوات، وإيتاء الزكوات، واجتناب المحرمات؟ كِنَةً⁣(⁣١) منه على الترضية، واستحقاق دخول الجنة لا محالة، وهذا غاية في الاستفساد، وما يعقلها إلا العالمون.

  وأما قوله: «وشهادة الله لا تتغير وحكمه لا يتبدل، ومن اعتقد غير هذا فقد كفر».

  فالجواب: أن شهادة الله لا تتغير حقاً، ولكن الكلام يكون في أن الشهادة تكون بأنه راضٍ عنهم سبحانه في حال الخطاب؛ لأنها وقعت بلفظ هو إلى الماضي أقرب، ثم بعده الحال؛ فذلك لا خلاف فيه.

  أم أراد أن الشهادة لهم بالرضا مع تغيير أسبابه، وبتك أطنابه، ودخول المنزل من غير بابه، والإخلال بالنظر في النص المفهوم، والخروج على الإمام المعصوم، بل محاربته وقتاله؛ فإن أراد هذا فهو جمع بين النقيضين؛ فليتدبر ما ذكرنا ليتضح له الأمر إن كان ممن يتضح له ما قام به الدليل.

  وأما قوله: «فمن اعتقد غير هذا فقد كفر».

  فالجواب: أنه إن أراد من اعتقد أن شهادة الله تتغير وحكمه يتبدل فقد كفر؛ فهو كلام صحيح.

  وإن أراد من اعتقد أن من ¥ في الحال فإنه لا يواقع ما يستحق به السخط والعذاب في حال آخر؛ فذلك باطل لأن الرضا في الحال لا يخرج القادر عن كونه قادراً، ولا عن صحة الفعل منه، وعلى أن طلحة والزبير قد غيرا وبدلا بخروجهما على الإمام المعصوم وحربهما له، وهذا الأمر ظاهر لا يخفى.

  وأما قوله: وأما ما ذكره [أي صاحب الرسالة] من أن الشريف عبدالله بن


(١) أي ركوناً. تمت إملاء.