أحدها: كون الجملة خبرية
  بالجملة الإنشاء، و «هذا عَبْدِي بِعْتُكَهُ» كذلك؛ فإن الجملتين مستأنفتان، لأن الإنشاء لا يكون نعتاً ولا حالاً، ويجوز أن يكونا خبرين آخرين إلا عند من منع تعدد الخبر مطلقاً، وهو اختيار ابن عصفور، وعند من منع تعدده مختلفاً بالإفراد والجملة، وهو أبو علي، وعند من منع وقوع الإنشاء خبراً، طائفة وهم من الكوفيين.
  ومن الجمل ما يحتمل الإنشائية والخبرية، فيختلف الحُكْمُ باختلافِ التقدير، وله أمثلة:
  منها: قوله تعالى: {قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا}[المائدة: ٢٣]، فإن جملة {أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا} تحتمل الدُّعَاءَ فتكون معترِضَة، والإِخْبَارَ فتكون صفة ثانية. ويضعف من حيث المعنى أن تكون حالاً، ولا يضعف في الصناعة لوصفها بالظرف.
  ومنها قوله تعالى {أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ}[النساء: ٩٠] فذهب
  قوله: (كذلك) أي: تريد الإنشاء وأما لو أردت الخبر كانت الجملة حالاً لوقوعها بعد معرفة قوله: (لا يكون نعتاً ولا حالاً) أي: لأنه لا يعلم مدلولها إلا بعد النطق بها وكل من الحال والنعت لا بد أن يعلم مدلوله من قبل؛ لأن القصد منهما تعريف الموصوف. قوله: (ويجوز أن يكون) أي: جملتا بعتكه في المثالين وقوله: خبرين أي: عن اسم الإشارة وقوله آخرين أي والخبر الأول العبد المنكر في المثال الأول والمعرف في المثال الثاني. قوله: (مطلقاً) أي: سواءً كان الثاني مفرداً أو جملة كان إنشاء أو خبراً.
  قوله: (تحتمل الدعاء) أي: فهي جملة إنشائية قوله: (فتكون معترضة) أي: بين القول والمقول قوله: (من حيث المعنى) أي: لأنه ليس المعنى على التقييد. قوله: (أن تكون حالاً) أي: لأن جعلها حالاً يقضي أن قولهم في وقت إنعامه عليه فقط مع أن قولهم لا بتقييد ذلك والحاصل أن الحالية تقتضي تقييد العامل مع أن المعنى ليس على التقييد. قوله: (أو جاؤوكم) عطف على قوله يصلون أي إلا الذين يصلون إلى قوم موصوفين بكونهم بينكم وبينهم ميثاق أي فلا تقتلوهم وإلا الذين جاؤوكم حصرت صدورهم فلا تقاتلوهم وهذا بناءً على أن حصرت جملة خبرية. قوله: (أو جاؤوكم حصرت صدورهم) قبله ودوا لو تكفرون أي ود المنافقون لو تكفرون كما كفروا فتكونون أنتم وهم مستوون في الكفر فلا تتخذوا منهم أولياء توالونهم حتى يهاجروا هجرة صحيحة محققة لإيمانهم فإن تولوا أو أعرضوا أو استمروا على ما هم عليه فخذوهم بالأسر واقتلوهم حيث وجدتموهم ولا تتخذوا منهم. ولياً توالونه ولا نصيراً تنصرون به على أعدائكم إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق أي عهد على الإيمان وترك قتالهم وقتال من أتى إليهم كهلال بن عويمر الأسلمي فلا تأخذوهم ولا تقتلوهم أو جاؤوكم حصرت صدورهم أي: