حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

ما افترق فيه الحال والتمييز، وما اجتمعا فيه

صفحة 29 - الجزء 3

ما افترق فيه الحال والتمييز، وما اجتمعا فيه

  اعلم أنهما قد اجتمعا في خمسة، وافترقا في سبعة.

  فأوجه الاتفاق أنهما اسمان، نكرتان، فَضْلَتَانِ، منصوبتان، رافعتان للإبهام.

  وأما أوجه الافتراق فأحدها: أن الحال يكون جملة كـ «جاءَ زَيْدٌ يَضْحك»، وظرفاً، نحو: «رأَيْتُ الهِلالَ بَيْنَ السَّحَابِ»، وجارًا ومجروراً، نحو: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ}⁣[القصص: ٧٩] والتمييز لا يكون إلا اسماً.

  والثاني: أن الحال قد يتوقف معنى الكلام عليها، كقوله تعالى: {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا}⁣[الإسراء: ٣٧] {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى}⁣[النساء: ٤٣]، وقال [من الخفيف]:

  ٧٠٢ - إِنَّمَا الْمَيْتُ مَنْ يَعِيشُ كَئيباً ... كَاسِفاً بَالُهُ قَلِيلَ الرَّجَاءِ

  بخلاف التمييز.

  والثالث: أن الحال مُبيّنة للهيئات والتمييز مبين للذوات.


  ما افترق فيه الحال والتمييز

  قوله: (للإبهام) أي: وإن كان الحال رافعاً لما انبهم من الهيآت والتمييز للإبهام في الذوات. قوله: (والتمييز لا يكون إلا اسماً) أي: جملة ولا ظرفاً ولا جاراً ومجروراً. قوله: (بخلاف التمييز) اعترض هذا بقولك ما طاب محمد إلا نفساً لأنك لو قلت ما طاب محمد لم يتم الكلام، وأجيب بأن كلامنا في التمييز بقطع النظر عن ما وإلا كما أن الحال يتوقف عليها المعنى بدون ما وإلا فالتمييز لا يتوقف عليه معنى الكلام إذا كان بدونهما. قوله: (إن الحال مبنية للهيآت) أي وأما نحو جاء زيد والشمس طالعة فهو في تأويل


٧٠٢ - التخريج: البيت لعدي بن الرعلاء في (تاج العروس ٥/ ١٠١ (موت)؛ ولسان العرب ٢/ ٩١ (موت)؛ والأصمعيات ص ١٥٢؛ وخزانة الأدب ٩/ ٥٨٣؛ وسمط اللآلي ص ٨، ٦٠٣؛ وبلا نسبة في تهذيب اللغة ١٤/ ٣٤٣؛ وتاج العروس (حيي)؛ والتنبيه والإيضاح ١/ ١٧٣).

اللغة: شرح المفردات الميت الذي فارق الحياة الميت الذي يحتضر. وذهب بعضهم إلى أن اللفظتين بمعنى واحد الكتيب الحزين الكاسف البال: المتغيّر الحال. الرجاء: الأمل.

المعنى: يقول ليس الميت من فارق الحياة واستراح من شقائها بل الميت هو الذي يعيش في هذه الحياة فاقد الأمل، ملحفاً باليأس والشقاء.