الثالث: أن تكون للاستثناء
  اسم فعل ماض بمعنى: «تبرَّأت»، أو «بَرِئتُ»، وحامِلُه على ذلك بناؤها، ويرده إعرابها في بعض اللغات.
  الثالث: أن تكون للاستثناء؛ فذهب سيبويه وأكثر البصريين إلى أنها حرف دائماً بمنزلة (إلا) لكنها تجرُّ المستثنى، وذهب الْجَرْمِيُّ والمازني والمبرد والزجاج والأخفش وأبو زيد والفراء وأبو عمرو الشيباني إلى أنها تُسْتَعْمَل كثيراً حرفاً جاراً، وقليلاً فعلاً متعدّياً جامداً لتضمنه معنى «إلا»، وسمع «اللَّهُمَّ اغْفِر لِي وَلِمَنْ يَسْمَعُ حَاشَا الشَّيْطَانَ وَأبَا الأَصْبَغ» وقال [من الكامل]:
  السوء. قوله: (اسم فعل) إما مضارع أو ماض وقوله وحامله الخ اعترض بأنه لا يلزم من البناء كونها اسم فعل لجواز أن يكون البناء لشبهها بالحرف ل لفظاً ومعنى وهو أقوى من قوله ويرده إعرابها أي تنوينها في بعض القراآت وهي حاشاً لله، واعترض بأنه يحتمل أنه تنوين تنكير واسم الفعل بنون تنوين تنكير وأجيب بأن تنوين التنكير ليس قياسياً في أسماء الأفعال بل هو مسموع في ألفاظ مخصوصة ليس حاشاً منها.
  قوله: (وحامله على ذلك) أي: على جعلها اسم فعل قوله: (إعرابها في بعض اللغات) أي: وبناء اسم الفعل لازم في جميع اللغات قال الدماميني وكان مراده الإعراب في قراءة الجماعة حاشا لله بالتنوين، وقد يقال لا دليل فيه لجواز أنه مبني والتنوين للتنكير، وأجاب الشمني بأن تنوين التنكير ليس قياساً في أسماء الأفعال بل سماعي في ألفاظ مخصوصة ليس حاشاً منها قوله: (أن تكون للاستثناء) وضابطها أن يتقدمها كلام تام يخرج منه شيء ومعناها الإخراج وهي مفيدة للتنزيه أيضاً فلا يقال صلى القوم حاشي زيد لأن الصلاة لا ينزه الإنسان عنها.
  قوله: (لكنها الخ) استدراك على ما يوهمه قوله بمنزله إلا وقوله لكنها تجر المستثنى أي حيث يكون الاستثناء فيما ينزه عنه المستثنى كقولك ضربت القوم حاشاً زيد ولذلك لا يحسن صلى القوم حاشاً زيد لفوات معنى التنزيه قوله: (وذهب الخ) أي: فحاشاً عندهم كعدا وخلا إن جر ما بعدها كانت حرف جر، وإن نصب كانت فعلاً وهذا هو الحق. قوله: (وسمع) أي: من كلام العرب نثراً وأتى بهذا شاهداً لاستعمالها فعلاً متعدياً. قوله: (حاشى الشيطان) لما كان الشيطان شديد الخيبة ليس أهلاً للغفران خرجه من عموم من يسمع وكذا أبو الأصبغ أي تنزهت المغفرة إن تتعلق بهما، والأصبغ بالغين المعجمة والصاد المهملة. قوله: (حاشى الشيطان) إن قلت حاشى لا يستثنى بها إلا في مقام التنزيه والمغفرة لا ينزه منها قلت بولغ في الشيطان وخسته حتى كأن الفغران يشينه وينقص بمرتبة لؤمه فنزه عنها أو إنه من باب التهكم، ولما كان أبو الأصبغ لتيماً على ما ظهر للقائل أعطاه حكم الشيطان فيما ذكر وهذا خير من قول الشارح تنزه المغفرة عنه لأن المراد تنزيه المستثنى.