حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

تنبيه - وقد ذكر لـ «أن» معان أربعة أخر

صفحة 98 - الجزء 1

  ثم كيف يتخيَّل أن التحية تقع بعد المجيء ببطء؟ وإنما يحسبن اعتقاد تأخر الجواب في سورة العنكبوت إذ الجواب فيها: {قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ}⁣[العنكبوت: ٣١]، ثم إن التعبير بالإساءة لحن، لأن الفعل ثلاثي كما نطق به التنزيل، والصواب المَسَاءة، وهي عبارة الزمخشري.

  وأما ما نقله عن الشلوبين فمعترض من وجهين:

  أحدهما: أن المفيد للتعليل في مثاله إنما هو لام العلة المقدّرة، لا «أن».

  والثاني: أنَّ «أن» في المثال مَصْدَريَّة، والبحث في الزائدة.

تنبيه - وقد ذكر لـ «أن» معانٍ أربعة أخر:

  أحدها: الشرطية كـ «إن» المكسورة، وإليه ذهب الكوفيون، ويُرجحه عندي أمور: أحدها: توارد المفتوحة والمَكْسُورة على المحل الواحد، والأصل التوافق، فقرئ بالوجهين قوله تعالى: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا}⁣[البقرة: ٢٨٢]، {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ


  (التي فيها سيء بهم) الأولى أن يقول ليس فيها أن بعد لما وإلا فسورة هود والعنكبوت إلا فيها سيء بهم إلا أن يجاب بأن قوله فيها سيء بهم أي بعد أن المحدث عنها. قوله: (بل الخ) يعني: أن قصة الخليل التي فيها قالوا سلاماً في سورة هود ومحط الاعتراض قوله ليس فيها لما وتلاوتها ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى، قالوا سلاماً، أي: وأبو حيان جمع بين لما وقالوا فهو مخطئ. قوله: (وإنما يحسن) كلام مستأنف وعلى هذا، الذي يحسن فلما مستعملة في غير أصلها من ترتب الجواب بعقب الشرط، أي: لأن قولهم إنا مهلكو بعد التحية وإتيانه بالعجل وخوفه منهم وسؤاله إياهم. قوله: (إذا الجواب فيها قالوا إنا مهلكو)، أي: لا قولهم قالوا: سلاماً كما في سورة هود. قوله: (تم التعبير) أي: تعبير أبي حيان، وقوله؛ لأن الفعل ثلاثي أي لأنه سيء والإساءة مصدر الرباعي كأقام الصلاة إقامة وأعار زيد إعارة.

  قوله: (كما نطق به التنزيل) أي: في قوله سيء بهم. قوله: (وهي عبارة الزمخشري) في قوله فاجأته المساءة. قوله: (وأما ما نقله) أي: أبو حيان قوله: (في مثاله) أي: وهو جئت أن تعطي قوله: (لام العلة المقدرة) أي: لأن الأصل جئت لأن تعطي. قوله: (مصدرية) أي: لا زائدة وقوله والبحث في الزائدة: أي: لا المصدرية فلا معنى لإيراد هذا لمثال هنا وقوله: والبحث في الزائدة أي ولا نسلم أن ما ثبت للمصدرية يثبت للزائدة. قوله: (والأصل التوافق) أي: أن اللفظين إذا عبر بأحدهما مرة وبالآخر أخرى في كلام المقصود منه واحد فالأصل اتحاد فعل هذين اللفظين، وهذا لا ينافي أن الأصل في الألفاظ من حيث هي الترادف قوله: (بالوجهين) أي: الفتح والكسر لكن من جره قرأ بالفتح فينصب تذكر ويشدد الكاف وإنما رفع؛ لأن الفاء دخله على مبتدأ محذوف، أي؛