الخامس: قد يوصل بالمحكية غير محكي
  بعد تقدم أحد المنصوبين - بين مجيء مَا لَهُ الصَّدْر وغيره؟ ولو كان تعليقاً لافترقا كما افترقا في «علمت زيداً منطلقاً»، و «علمت أزيد منطلق».
  ***
  تنبيه - فائدة الحكم على محلّ الجملة في التعليق بالنصب ظهور ذلك في التابع، فتقول: «عَرَفْتُ مَنْ زَيْدٌ وغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ أُمُورِهِ». واستدل ابن عصفور بقول كثير [من الطويل]:
  ٦٥٨ - وَمَا كُنْتُ أَدْرِي قَبْلَ عَزَّةَ مَا الْبُكَا ... وَلَا مُوجِعَاتِ الْقَلْبِ حَتَّى تَوَلَّتِ
  بنصب «موجعات» ولك أن تَدَّعي أن «البكَى» مفعول، وأن «ما» زائدة، أو أن
  قوله: (بعد تقدم أحد الخ) كقولك عرفت زيد الأبوه قائم أو عرفت زيداً أبوه قائم، وقوله ألا ترى الخ راجع لقوله ولا يسمى هذا تعليقاً أي لعدم افتراق الحال بين مجيء ما له الصدارة وغيره قوله: (ولو كان) هذا إشارة إلى قياس استثنائي وحاصله لو كان مجيء الجملة المقرونة بالمعلق بعد المفعول تعليقاً لافترق الحال بين مجيء ما له الصدر وغيره لكن الحال لا يفترق، وحينئذ فلا يكون مجيء الحال على الوجه المذكورة تعليقاً.
  قوله: (لافترقا) أي: حال جزأي الجملة قوله: (كما افترقا الخ) فالأول تعليق فيه والثاني فيه معلق وهو الهمزة. قوله: (وغير ذلك) بالنصب عطفاً على محل الجملة وقوله من أموره أي من أمور زيد قوله: (واستدل ابن عصفور أي على أن محل الجملة التي علق عنها العامل نصب وعلى ظهوره في التابع لها يقول كثير وهو من التابعين وكثير بالتصغير هو أبو صخر بن عبد الرحمن بن أبي جمعة الخزاعي - أحد عشاق العرب المشهورين، وإنما قيل له كثير من أسماء الأضداد لأنه كان شديد القصر وكان إذا دخل على عبد العزيز بن مروان يقول له طأطى رأسك لئلا يؤذيك السقف يمازحه بذلك. قوله: (عزة) هي بنت جميل بن حفص لقيها في طريق مصر متوجهة لها وجرى بينهما كلام وقدمت مصر ثم بعد ذلك عاد كثير لمصر فوجد الناس منصرفين من جنازتها. قوله: (ما البكا) ما استفهامية مبتدأ والبكاء خبر والجملة سدت مسد مفعولي أدري موجعات عطف على محل تلك الجملة قوله: (ولك أن تدعي) أي: لأجل أن ترد استدلاله بأنه يحتمل غير مدعاه والدليل إذا طرقه الاحتمال سقط به الاستدلال وقوله أن البكاء مفعول
٦٥٨ - التخريج: البيت لكثير عزة في (ديوانه ص ٩٥؛ وخزانة الأدب ٩/ ١٤٤؛ وشرح التصريح ١/ ٢٥٧؛ وشرح شواهد المغني ص ٨١٣، ٨٢٤؛ وشرح قطر الندى ص ١٧٨. والمقاصد النحوية ٢/ ٤٠٨؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك ٢/ ٦٤؛ وشرح الأشموني ١/ ١٦٢).
اللغة والمعنى: أدري: أعرف عزّة: اسم حبيبة الشاعر. تولّت: ابتعدت.
يقول: لم أكن أعرف البكاء والحسرة إلا بعد أن ابتعدت عزّة، وتخلت عني.